(لِلَّذِينَ يُؤلونَ مِن نِّسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهرٍ فَإِن فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رحِيمٌ) فإن مقتضاها أنه لَا يصح أن تكون اليمين محاجزة دون فيء الرجل إلى أهله، ومنع الأذى والضرر عنها.
وثانيتهما - أن الأحاديث كثيرة متضافرة تحث الحالف على الحنث في يمينه إذا كان الحلف مؤداه الامتناع عن البر؛ فقد روي في الصحيحين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " إني والله لَا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرًا منها إلا أتيت الذي هو خير، وتحللتها " (?) وروى أيضا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعبد الرحمن بن سمرة: " يا عبد الرحمن ابن سمرة لَا تسأل الإمارة، فإنك إن أعطيتها من غير مسألة أعِنْتَ عليها، وإن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها، وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها، فأت الذي هو خير وكفر عن يمينك " (?).
وروى مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " والله لأن يَلج أحدكم بيمينه في أهله آثمُ لَهُ عند الله من أن يعطي كفارته التي افترض الله عليه " (?).
وقوله تعالى: (أَن تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ) هو بيان للخير الذي كانت اليمين تحاجز دونه، وتمنع القيام به؛ والمعنى: لَا تجعلوا الله محاجزًا دون أيمانكم لكي تتمكنوا من أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس. والنسق البياني الكريم يفيد أن علة النهي في قوله تعالى: (وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ) هو (أَن تَبرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ).
فالخير الذي يطلب، ولا يصح أن تحاجز اليمين دونه ثلاثة أنواع على حسب ما كان يقع من الناس في أيمانهم: