زهره التفاسير (صفحة 844)

207

(وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ) بعد أن ذكر الله سبحانه بعض الناس الذين يعدون داء الجماعات التي تؤدي إلى الفساد، وإلى الهلاك، وحالهم إذا تولوا حكم الناس - ذكر أهل الفضل الذين يعدون دواء هذا الداء، وعلاج ذلك المرض الفتاك، وصلاح ذلك الفساد؛ فإنه إذا كان طغيان بعض الولاة هو الذي يؤدي إلى هلاك الحرث والنسل، فأولئك الأبرار الذين يجاهدون الطغيان هم الذين يقفون تياره، ويصدعون بأمر الله، وهم الذينِ باعوا أنفسهم مجاهدين ناطقين بكلمة الحق؛ ولذا قال سبحانه: (وَمِنَ النَّاسِ من يَشْرِي نَفْسَه) أي يبيع نفسه لله سبحانه؛ فيفدي دين الله والحق بنفسه وماله وكل ما يملك وفي ذكر الفريق المقابل لأهل الشر بذلك الوصف الذي يشعر بأن أخص حالهم بذل النفس والنفيس، لا مجرد الإخلاص والبراءة من النفاق - إشارة إلى عظم المهمة الملقاة على عاتقهم، وهي مجاهدة الشر والتغلب عليه، وإزالة أوضاره؛ فإن ذلك يقتضي التعرض للأذى، بل للتلف، ومن قتل في سبيله قتل شهيدًا، بل إنه يكون أفضل الشهداء، كما صرح بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015