وقيل لأن إبراهيم عليه السلام علمه جبريل فيه مناسك الحج، فكان يقول: عرفت، عرفت. وقيل لأن آدم وحواء تعارفا فيه. وقيل لأن عرفات من عرف بمعنى طيبه الله بالعرف بخلاف منى، فإن فيها الذبح وأفراث الذبائح. وأحسن تعليل للتسمية ما جاء في الزمخشري: قيل لأن الناس يتعارفون فيها. وهذا ما أختاره، وإن كانت الأسماء لَا تعلل؛ ذلك لأن عرفات يجتمع الناس جميعًا عليه في وقت واحد، فيجري التعارف بينهم، وليست هذه الخاصة في غيره من المناسك، فغيره يؤدي أفرادا أو جماعة، أما هذا فيؤدي في جماعة زاخرة، هي جماعة الحجاج أجمعين.
والمشعر الحرام: هو المزدلفة؛ وسمي كذلك؛ لأنه من معالم الحج التي لا يصح أن يعمل فيها إلا ما ورد به النص، وهو منسك له حرمة وتقديس، وقد سمي المزدلفة؛ لأن الحجيج يزدلفون إليه من عرفات، كما سمي جمعًا؛ لأنهم يجتمعون فيه، ولأنهم يجمعون فيه بين صلاتي المغرب والعشاء جمع تأخير، كما يجمعون بين صلاتي الظهر والعصر جمع تقديم في عرفات. ووقت الوقوف بعرفات عند الجمهور (?) من بعد زوال اليوم التاسع إلى فجر اليوم العاشر؛ والوقوف بمزدلفة بعد فجر اليوم العاشر.
وقد روى المسور بن مخرمة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب الناس فقال: (أما بعد فإن هذا اليوم الحج أبر، ألا وإن أهل الشرك والأوثان كانوا يدفعون في هذا اليوم قبل أن تغيب الشمس، إذا كانت الشمس في رءوس الجبال كأنها عمائم الرجال في وجوههم، وإنا ندفع قبل أن تطلع الشمس مخالفًا هدينا هدي أهل الشرك " (?) ويبين ذلك عمل النبي - صلى الله عليه وسلم -