وهو في موداه لَا يختلف عن التقدير الأول، وإن كان الأول يدل على مجاهدة النفس في العطاء بين ما يحبه ويشح به، بين إرضاء الله بالعطاء فيؤثر إرضاء الله تعالى على شح نفسه، فتكون قربة العطاء، وقربة المجاهدة حتى يكون مطيعا لله تعالى متقربا إليه، طالبا رضاه، وهو الغني الحميد.
وقد ذكرت الآية الكريمة من يخصهم بعطائه، أو من يؤثرهم بهذا العطاء، ويبدو من الذكر ومعناه ترتيبهم في العطاء وأن بعضهم يفضل في العطاء على بعض إن لم يتسع ماله لهم أجمعين.
(أ) ذوو القربى؛ ولذا قال تعالى: (وآتى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى) وهم قراباته، ويفضل الأقرب فالأقرب ويبدأ بالوالدين، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ردا على من سأله من أحق الناس بحسن صحبتي: " أمك " كررها ثلاث مرات مع تكرار السؤال، ثم قال: ثم من؟ قال: " أبوك، ثم الأقرب فالأقرب " (?)، ولقد قال - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه النسائي: " إن الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم اثنتان صدقة وصلة " (?)، ولأن الإسلام أقام على دعامة الأسر المتحابة المتعاونة المتكاتفة، والأسرة مقصورة على الأبوين والأولاد، بل هي ممتدة إلى أن تشمل الأقارب؛ ولذا قال - صلى الله عليه وسلم -: " من أراد منكم أن يبارك له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه " (?)، ولقد عد من ذوي القربى الزوج إذا كان فقيرا، فقد سألت امرأة عبد الله بن مسعود النبي - صلى الله عليه وسلم - أيعد إعطاء زوجها صدقة؛، فقال - صلى الله عليه وسلم -: " نعم " (?).