زهره التفاسير (صفحة 6477)

وذكر سبحانه السبب في نزوله مفرقا بقوله تعالى: (لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ) أي على تمهل وتطاول في المدة، فيحفظوه حفظا بدل أن يلقوا بكتابته على رقاع أو قطع من مواد أخرى كما في الشجر، وهكذا.

و (مُكْثٍ) تتضمن امتداد الزمن امتدادا يمكثون فيه من قراءته وحفظه، وتفهمه، وتعريف غاياته ومراميه، وكان الصحابة كلما جمعوا عدة آيات حفظا وترتيلا، سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن جملة معانيها إن كانوا لم يفهموها.

ثم قال تعالى: (وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلًا)، أي نزلناه متدرجا منجما، وآكد نزَّل بالمصدر ليعلموا أنه تنزل بمعانيه وألفاظه، ولعل في هذا ردا على الذين افتروا الكذب، وقالوا إنه نزل بمعناه، والعبارة كيف نزل، ولقد كذبوا في ذلك وأعظموا الفرية، وإن ذلك من افتراء الكفار عليه، ووهن إيمان بعض من ينتسبون للإسلام.

هذا ما ساقه اللَّه تعالى لبيان مقام القرآن وسط آيات اللَّه تعالى، وأنه أعظم آيات اللَّه تعالى في الدلالة على رسالة الرسول، وأدومها، وأتقاها، وبين أن الآيات الحسية قد جاءت في أحوال كثيرة، ولم تنتج إيمانا بل تبعها من الطغاة عتوا واستكبارا، وتوالي المظالم، وبعد هذا البيان قال اللَّه تعالى:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015