هذه الملاحظة هي أنه في الطالب الإيجابية يكون الخطاب في هذه الآيات للنبي - صلى الله عليه وسلم - ابتداء، ويكون لأمته بالتبع، ولكن في هذه الآيات نجد النهي متجها ابتداء إلى الجماعة الإسلامية، فقال تعالى: (وَلا تَطْغوْا) وقال تعالى: (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا)؛ لأنه لَا نهي إلا حيث يتصور وقوع النهي عنه، ولا يمكن أن يتصور من النبي - صلى الله عليه وسلم - طغيان، أو ركون إلى الظالمين.
والصبر ضبط النفس عند وقوع ما لَا يرغب، أو ما يرغب، فالصبر على النعمة، لَا يفرح بها فلا يبطرها بل يشكرها، والصبر على وقوع ما لَا يرغب بأن تنزل به شديدة فإنه يكون بألا يفزع ولا يهلع، فيضطرب تفكيره، ويطيش ولا يتدبر الأمر في رفق، وثبات جأش، واطمئنان قلب.
وبين الله تعالى أن الصبر من إحسان المحسنين فقال تعالت كلماته: (وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) أي الذين يعملون العمل الصالح، ويحسنونه،
ويداومون عليه بالصبر، ولا يجزعون لحرمان أو شدة، ولا يأشرون ويبطرون إن اختبرهم الله تعالى.
* * *
الفساد يعم بسكوت الاخيار
قال تعالى:
(فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ (116) وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ (117)