هذه حقائق ذكرها الله تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام، وفيها أن الرسل من قبله قد نال منهم أقوامهم بمثل ما ينال قومك منك، وأن العاقبة للمؤمنين، أما هؤلاء فلا يصح أن تدفع أفعالهم إلى الشك في أن اللَّه سيوفيهم نتيجة كفرهم غير متقو) (فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلَاءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلَّا كَمَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ (109).
وأن الشرائع التي شملها كتاب اللَّه العزيز قد سبق فيها موسى بكتاب فاختلف فيه، وأنه لولا كلمة سبقت من ربك ببقائهم حتى يوم الجزاء لقضي بينهم فيما كانوا فيه يختلفون، وأن اليهود قوم موسى لفي شك منه مريب، وأنهم جميعا سيوفيهم ربك أعمالهم إنه بما يعملون خبير.
كما بيَّن اللَّه تعالى لنبيه ما يحب أن يسلك في دعوته فقال سبحانه:
(فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (112) وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (113) وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114) وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (115) فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ (116).
هذه حكمة اللَّه لَا يهلك القرى إلا بظلم أهلها وغفلتهم عن إدراك العواقب التي تستقبلهم وليسوا مصلحين، ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولكنها إرادته. فجعل فيهم المفسد والمصلح (. . . وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119).
بيَن اللَّه تعالى أن العبرة يسوقها للناس وللنبي ليثبت فؤاده ويزيده تمسكا بالحق فيقول تعالت كلماته: (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (120) وَقُلْ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى