والإشارة الثانية - قوله تعالى: (لِفَضْلِهِ)، فيها إظهار في موضع الإضمار، ذلك لبيان أنه لفضل من الله ورحمة منه سبحانه وأنه واجب الشكر على هذه النعمة، وجاء التعبير هنا بقوله تعالى: (وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ) للإشارة إلى أن الخير مراد لله تعالى مقصود إنزاله بالشخص، وفي التعبير إبهام ثم بيان للتوكيد قال تعالى: (وَإِن يُرِدْكَ) ثم قال سبحانه: (بِخَيْرٍ) فكان الأخير بيانا لإرادة الله تعالى بالعبد، ثم قال تعالى: (يُصِيبُ بِهِ من يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ) أي يصيب بهذا الفضل من تتعلق به مشيئة الله من عباده.
وتتعلق مشيئة الله بمن يسير في طريق الخير كما كتبه الله تعالى فيوصله إلى غايته، والخير المذكور في الآية هو النفع والهداية والاتجاه إلى الله ورجاء رحمته، ثم يختم الله تعالى هذه الآية بقوله: (وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) أي أن مغفرته تعالى وقبوله التوبة هو الخير الذي يشاؤه لعباده، ومغفرته من رحمته، لأنه سبحانه يريد لهم الخير برحمته وفضله، والشيطان يسول لهم الشر، فالذين مكنوا الشيطان من نفوسهم حرموا من الخير، ومن أبعدوا وساوسه فقد اتجهوا إلى الله، وكل شيء بعلمه وتقديره سبحانه، كل شيء عنده بمقدار عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال.
وقد أوضح الله الحق وبيَّنه فقال تعالى: