زهره التفاسير (صفحة 43)

ومن المتفق عليه أمران:

أحدهما: أن الاستعاذة ليست جزءا من الصلاة، ولا شرطا لقراءة الفاتحة، كما هو مقرر عند الشافعي، لَا سرا ولا جهرا؛ لأنه لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه التزم بها لَا جهرا ولا خفية.

الثاني: أن كلمة " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " ليست قرآنا، وإنما استجابة لقول الله تعالى: (فَإذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)، وكلمة " أعوذ بالله " هي الكلمة التي يرددها الناس عند الاستعاذة، وروي عن عبد الله بن مسعود أنه كان يقول في الاستعاذة: " أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم "، وروى ابن مسعود أنه تعوَّذ بها أمام النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له: " يا ابْنَ أمِّ عَبْدٍ، أعوذُ باللَّهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرجيمِ هكلذ أقْرَانِي جِبْرِيلُ عَنِ اللوح عَنِ القَلَم " (?)، وإن هذا النص يستفاد منه أن كلمة أعوذ بالله من الشيطان الرجيم هي المروية عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وننتهي من هذا إلى أنها مستحبة وليست واجبة، ولكن إذا قالها أيُسِرُّ أم يجهر؟

الجمهور على أنه يجهر عند الصلاة بها، وقال حمزة: يسرُّ بها، ومن قال إن الاستعاذة تكون بعد القراءة لأن الله يقول: (فَإذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ. . .، فالقراءة تسبق الاستعاذة امتثالا لأمر الله تعالى؛ ولكيلا يكون القارئ متغنيا، ولا متلقيا، وليكون في حضرة الله في قراءته وبعدها، ويكون طائعا لله تعالى في كل أحواله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015