وكما قال تعالى: (وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً). وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا.
وفى الجملة: إن الله تعالى يقرر بهذا أن الشرائع السماوية في الدعوة إلى الخير والنهي عن الشر ظاهره وباطنه وأن حديثها في الوحي والتنزيل واحد.
وقال تعالى: (تَمَامًا عَلَى الَّذِى أَحْسَنَ) أي تتميما وتكميلا لنعمة الهداية فلا شيء أتم من الهداية والتوفيق إلى الصراط وبيان الحق، ولأنه الكمال والتمام للخير جعله الله تفصيلا لكل شيء من شئون الهداية والتوجيه، فهو كتاب قد آتاه الله تعالى موسى فيه كمال الخير وبيانه، ووصفه الله سبحانه وتعالى بوصفين كريمين.
أحدهما - أنه هدى فهو يهدي إلى الحق ويرشد الذي أحسن التلقي، وكان قلبه مفتوحا للحق ويدخل إليه، ويصل إليه، ولم ينطمس قلبه وبصيرته، ولم يكن على بصره غشاوة.
وثانيهما - أنه رحمة، ففيه تفصيل الخير، وبيان الوصول إلى الحق في كل مسالك الحياة، والهداية ذاتها رحمة، والشريعة التي جاءت بها التوراة رحمة بمن بعث موسى عليه السلام لهم، وإن هذه الهداية والرحمة، الأخذ بها هو طريق لرجاء الإيمان باليوم الآخر، ولذا قال سبحانه (لَّعَلَّهُم بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يؤْمِنُونَ).
أي أن الله تعالى آتي موسى هذا الكتاب تتميما وتكميلا للذي أحسن التلقي، وشرح صدره لقبول الحق، وجعله الله تفصيلا للحق وبيانا له، ونورا وهدى ورحمة - كان رجاء أن يؤمنوا بلقاء ربهم، فقوله تعالى: (لَّعَلَّهُم بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ) الرجاء فيها من العبيد لَا من الله تعالى.
وهنا يسأل سائل، لماذا كان الرجاء في الإيمان باليوم الآخر وبلقاء الله تعالى، ولم يذكر سبحانه وتعالى غيره مع أن الإيمان له عناصر غير مجرد الإيمان بلقاء الله تعالى؛ ونقول في الإجابة عن ذلك، إن الإيمان بلقاء الله تعالى هو