زهره التفاسير (صفحة 3509)

شياطين الجن أو شياطين الإنس يغرونهم بالفساد، ويحسب أولئك أنهم يستمتعون، أو يستمتع بعضهم ببعض، وكلمة (نولي) ما المراد منها أهي الولاية بمعنى السلطان، ويكون المعنى، وكذلك نجعل بعض الظالمين ولاة على ظالمين مثلهم، فيفسد الأمر ويضطرب الحال، ويكون الفساد في الأرض، بدل الصلاح فيها، وهذا يفيد أن ظلم الولاة يكون بسبب ظلم الرعية فيما بينها، كما روى " كيفما تكونوا يولى عليكم " (?) وأن فساد الرعية يؤدي إلى ألا يحكمها إلا راع ظالم، فإنهم يتعاونون على الظلم والعدوان، ولا يتعاونون على البر والتقوى، وإن الوالي الظالم يجد العون على ظلمه من الرعية نفسها، وهذا منهي عنه بقوله): " من أعان ظالما سلط الله تعالى عليه ظالما " (?) وقد رأينا ذلك، وإنه إذا كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، منع ظلم الرعية، ولقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " لَتَأْمُرُن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذنَّ على يدي الظالم ولتأطُرُنَّه على الحق أطرا أو ليضربن قلوب بعضكم ببعض ثم تدعون فلا يستجاب لكم " (?).

ووجه الشبه في الظلم بين الراعي والرعية بالتولي بين الجن والإنس، بإغراء الأولين وتلقى الآخرين وأن كليهما ظالم.

هذا إذا فسرنا التولية بمعنى السلطان، سلطان الظالم من الحكام على الرعية الظالمة الفاسدة، ويرشح لهذا المعنى قوله تحمالي: (بِمَا كانُوا يَكْسِبُونَ) أي بما كانت الرعية تكسب من ظلم في نفسها، وظلم في معاملاتها وفساد فيما بينهم يفسدون ولا يصلحون، فيجيء حكام على شاكلتهم فيتشاكلون فيما بينهم، يحكمون بمثل أخلاقهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015