إنكار للواقع، وإنكار الواقع توبيخ، والمعنى أي حجة لكم في ألا تأكلوا ما ذكر اسم الله تعالى عليه، لَا دليل، فانتم تحرمون على أنفسكم ما أحل الله لكم، وتنسبون التحريم لله سبحانه وتعالى وذلك افتراء على الله تعالى، وكذب عليه، كما قال تعالى في هذا الشأن إذ حرموا ما حرموا مدعين أنه من عند الله: (. . . قُلْ هَلْ عِندَكم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِن ثَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ).
(وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ) أي تحرمون على أنفسكم ما أباحه الله تعالى وقد فصل لكم ما حرم عليكم، أي بينه، فإنه حرام، وقد ذكر تفصيل ما حرم الله تعالى، فيما يأتي من سورة الأنعام فقال تعالى: (قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (145).
وقوله تعالى (وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ) فيه قراءتان متواترتان، قراءة بالبناء للفاعل بفتح الفاء والحاء (?)، ويكون المعنى تحرمون عليكم بعض الأنعام التي ذكر عليها اسم الله عند ذبحها، وأنتم تعلمون ما بينه الله من محرمات أباحها للضرورة، ولم يكن المنع قيها إلا في حال الاختيار، ولا منع فيها في حال الاضطرار.
ويكون التوبيخ على أنهم علموا تحريم الله وأن ما عداه حلال، ومع ذلك حرموا ما حرموا من تلقاء أنفسهم. والمعنى على قراءة البناء للمجهول بضم الفاء والحاء (?) يكون المعنى تحرمون ما تحرمون بغيا، وقد علم بالتفصيل ما حرم عليكم،