(لَتَجِدَنَّ). فيها معنى توكيد العداوة، لأن النبي - عليه السلام - يجدها محسوسة واضح في المعاملات التي تقع بينه وبين اليهود، وبينه وبين المشركين، وما كان من النصارى معه، ويكون من شدة العداوة، وقرب المودة هو ما كان من معاصرى النبي - صلى الله عليه وسلم - من اليهود والذين أشركوا، والذين قالوا إنا نصارى.
ويصح أن يكون الخطاب لكل أهل القرآن الذين يقرءونه ويخاطبون بأحكامه وآياته، من الذين آمنوا، ويلاحظ هنا عدة أمور:
أولها - أنه سبحانه ذكر اليهود قبل الذين أشركوا؛ لأن عداوة اليهود منشؤها الحقد والحسد اللذان قد يرسخان في النفس اليهودية، وهما دائما فيها ما دام اليهود على هذه الحال التي أركسوا أنفسهم فيها، وقد عبر عنهم بالوصف، ولم يقل الذين هادوا للإشارة إلى أن العداوة حال دائمة مستمرة مستحكمة، حتى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: " ما خلا يهودي بمسلم إلا هَمَّ بقتله " (?) ومع أن اليهود أقرب في الاعتقاد من النصارى؛ تجد النصارى في الماضي كانوا أقرب، والقرب في الاعتقاد سببه الشائع بينهم هو الوحدانية، أما النصارى فإن الشائع بينهم هو التثليث ولكن العداوة لَا تتبع القرب أو البعد في الاعتقاد، بل تتبع مقدار الحسد والبغض، وفوق ذلك، فإنه من المقرارت في علم الآراء والمعتقدات أنه كلما تقاربت العقيدتان تنازعتا، وكان التناحر أشد، لطمع كل طائفة في أن تأخذ الأخرى إليها، وقد عبر