زهره التفاسير (صفحة 2824)

وقال أكثر الشافعية والحنابلة: التوبة تمنع إقامة الحد وأقاموا على ذلك الأدلة الآتية:

أ - قوله تعالى: (فَمَن تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمه وَأَصْلَحَ). وهذا النص مقترن بقوله تعالى: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا). فكان مخصصا للعموم في الأمر بالقطع، وإلا ما اقترن به.

بـ - أن الله تعالى اعتبر التوبة مانعة من إقامة حد الحرابة (?)، والحرابة فيها جرائم سرقة وقتل وسرقاتها كبيرة، فكيف تقبل التوبة في السرقات الكبرى، ولا تقبل في الصغرى.

د - ما ورد في الآثار الصحاح مما يثبت أن التوبة تجب ما قبلها، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: " التائب من الذنب كمن لَا ذنب له ".

د - أن التوبة السريعة تدل على أن النفس لم تدنس بالرجس، وقد قال تعالى في تحقيق هذا المعنى: (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّه للَّذينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بجَهَالَةِ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبً. . .).

والذي نراه في هذا الموضوع أننا نأخذ برأى الإمامين أبي حنيفة ومالك في الذين يعدون عائدين، فإن هؤلاء لَا تقبل منهم توبة. ولا تأخذ العدالة فيهم رأفة، أما الذين لم يكونوا عائدين، فإن التوبة تعفيهم من العقاب إقالة لعثرتهم، ونأخذ في أمرهم برأي أكثر الشافعية والحنابلة.

وإذا كان لنا أن نطالب بإقامة حدود الله، وهو واجب علينا، فإننا إذا طالبنا بإقامة حد السرقة نطالب به في الحدود الآتية:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015