زهره التفاسير (صفحة 2802)

وإن التقديم هنا للقصر، والتخصيص، والمعنى اطلبوا برغبة وشدة إلى الله وحده الوسيلة إليه والتقرب، فلا تطيعوا سواه إلا في ظل طاعته، ولا تتقربوا إلى غيره إلا في ظل طلب رضاه، فإنه لَا تقرب لسواه، ولا محبة إلا لأجله، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " حتى يحب الشيء لَا يحبه إلا الله " (?) فالحب لله والبغض لله هما أقوى دعائم الإيمان، وأن المؤمن يتوسل إلى الله تعالى بالقربات التي شرعها، حتى يكون سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويمتلئ قلبه ونفسه بنوره، فيكون ربانيا.

وإنه قد جاء في العبارات الإسلامية معنى للوسيلة على أنها درجة من أعلى الدرجات في الجنة، بل أعلاها، وهذا المعنى متلاق مع أصل المعنى، وهو التقرب إلى الله والتوسل إليه وحده بالطاعات، ولقد كان من الدعاء الذي يردد في الآذان ما رواه البخاري: فقد روي عن جابر بن عبد الله أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته حلَّت شفاعتي له يوم القيامة " (?). وروى مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا عليَّ، فإنه من صلى على صلاة صلى الله تعالى عليه عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لَا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل الوسيلة حلت له الشفاعة " (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015