الأوقية التي أشار إليها النبي - صلى الله عليه وسلم - فالقنطار الذي نعرفه في مصر هو القنطار الذي ذكر في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن القنطار (1200) أوقية لأنه مائة رطل والرطل (12) أوقية. وقد قال الزجاج في أصل معنى القنطار: إنه مأخوذ من عقد الشيء وإحكامه، تقول العرب: قنطرت الشيء إذا أحكمته، ومنه سميت القنطرة لإحكامها، والقنطرة المعقود، فكأن القنطار شيء محكم يسع ذلك المال، أو أنه جمع قدر كبير من المال متراص الأجزاء محكم الربط. والمقنطرة معناها مضاعفة مقادير القنطار، فمعنى قناطير مقنطرة عدد كثير من القناطير متضاعف، كقولك ألوف مؤلفة، وأضعاف مضاعفة، والمراد أن كثرة المال أمر محبوب مطلوب زين للناس حبها، ومحبة المال الكثير قد أودعت قلوب الناس؛ لأنهم رأوا أنه السبيل إلى طلب ملاذ هذه الحياة، فلا يجد غايته من النساء إلا ذو مال، ولا غايته من إشباع الحاجات إلا ذو المال؛ ولقد قالت عائشة رضي الله عنها: " رأيت ذا المال مهيبا، ورأيت ذا الفقر مهينا " وقالت رضي الله عنها أيضا: " إن أحساب ذوي الدنيا بنيت على المال ".
وإن محبة المال لم تكن في أول الأمر لذات المال، ولكن لأنه ذريعة لغيره من ملاذ الحياة ومطالبها، ولكن بتوالي الأزمنة نسى كثير من الناس الغاية، واتجهوا إلى الوسيلة فصارت في ذاتها غاية، وأصبح المال يطلب لأنه غاية في ذاته، كما هو الشأن في كل وسيلة تؤدي إلى أمر محبوب مؤكد المحبة وهي مؤكدة التوصيل؛ ولذلك صار المال مطلوبا، وطلبه كالأمر الفطري. ولقد قال - صلى الله عليه وسلم -: " لو كان لابن ادم واديان من ذهب لابتغى ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب " (?).