زهره التفاسير (صفحة 105)

3

(الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ (3) (هذا هو الوصف الأول للمتقين الذين يتلقون هدى الله تعالى كما تتلقى الأرض الطيبة الغيث فتأتي بأطيب الثمرات. والإيمان: التصديق، ويتعدى بالباء لتضمنه معنى الاعتراف والإقرار والإذعان، والخضوع، ويتعدى باللام ويتضمن حينئذٍ معنى الاستسلام أو الاستجابة كما قال تعالى: (وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لنَا. . .)، قوله: (فَمَا آمَنَ لِمُوسَى. . .)

، ومن ذلك ما حكى الله تعالى عن اليهود إذ يتآمرون فيقول بعضهم لبعض، (وَلا تُؤْمنُوا إِلَّا لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ. . .).

وأول وصف من أوصاف المتقين الذي يميزهم - وهو في غالب أحوالهم سبب لتقواهم - الإيمان بالغيب. والغيب: كل ما يغيب عن الشخص، ويستتر، ولقد فسره العلماء بما يتفق مع أن يكون وصفًا للمتقين، فقالوا أقوالا مختلفة في ألفاظها، وتتلاقى في مضمونها أو المراد منها - فيما نعلم - كلها، ففسروه بأن الغيب هو الله تعالى؛ لأننا نؤمن به ولا نراه، فالبرهان يوجب الإيمان به، وهو لا يُرى بالحسِّ بل يرى بالقلب، وفسروه بأنه القدر، وفسروه بأنه الإيمان بالملائكة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015