ويحكى في مثله عن النبي صلى الله عليه وسلم إنّه لمّا هجاه المشركون قال لحسان رضي الله عنه: اهجهم، فهجاؤك اشد عليهم من وقع السهام في غبش الظلام! ومثله قول الشاعر: القول ينفذ من مالا تنفذ الإبر وقول الآخر:
وقد يرجى لجرح السيف برء ... وجرح الدهر ما جرح اللسان
وقالوا: اللسان، أجرح جوارح الإنسان.
وقال الصاحب: حفظ اللسان، راحة الإنسان، فحفظه حفظ الشكر للإحسان، فآفة الإنسان في اللسان! وقال امرؤ القيس:
إذا المرء لم يحزن عليه لسانه ... فليس على شيء سواه بخزان
الملل معروف. وهذا من كلام أبي الأسود، وكان دخل في ثوب خلق على بعض أصدقائه. فلما رآه قال له: يا أبا الأسود آن لهذا الثوب أنَّ يبدل؟ فقال أبو الأسود: رب مملولٍ. . الخ. ثم أرسل إليه بعد ذلك أثوابا. فقال أبو الأسود يمدحه:
كساك ولم تستكسه فشكرته ... أخ لك يعطيك الجزيل وياصر
وإنَّ أحق الناس إنَّ كنت شاكرا ... بشكرك من أعطاك والوجه وافر
الرباح والربح واحد. قال الشاعر:
رأيت التقى والجود خير تجارةٍ ... رباحا إذا ما المرء أصبح ثاقلا
والسماح والسماحة: والجود والكرم.