حديد الذهن، ثاقب الفهم، خفيف الجسم، يغنيك عن الملامة، ولا يحوجك إلى لا استزادة.

وقال أبو نواس:

ومنتظر رجع الحديث بطرفه ... إذا ما انثنى من لينه فضح الغصنا

إذا جعل اللحظ الخفىّ كلامه ... جعلت له عينى لتفهمه أذنا

وقال:

وإنى لطرف العين بالعين زاجر ... فقد كدت لا يخفى علىّ ضمير

وقد طرق هذا المعنى وإن لم يكن منه [من قال] :

بلوت أخلّاء هذا الزمان ... فأقللت بالهجر منهم نصيبى

وكلّهم إن تصفّحته ... صديق العيان عدوّ المغيب

تفقّد مساقط لحظ المريب ... فإن العيون وجوه القلوب

وهو كقول المهدى:

ومطّلع من نفسه ما يسرّه ... عليه من اللحظ الخفىّ دليل

إذا القلب لم يبد الذى فى ضميره ... ففى اللّحظ والألفاظ منه رسول

[بين خالد بن صفوان وعلى بن الجهم]

ودخل خالد بن صفوان على علىّ بن الجهم بن أبى حذيفة فألفاه يريد الركوب فقرّب إليه حمار ليركبه، فقال خالد: أما علمت أن العير «1» عار، والحمار شنار، منكر الصوت، قبيح الفوت، متزلّج «2» فى الضّحل، مرتطم فى الوحل، ليس بركوبة فحل، ولا بمطية رحل، راكبه مقرف «3» ، ومسايره مشرف.

فاستوحش ابن أبى حذيفة من ركوب الحمار ونزل عنه، وركب فرسا ودفع الحمار إلى خالد فركبه، فقال له: ويحك يا خالد! أتنهى عن شىء وتأتى مثله؟

فقال: أصلحك الله! عير من بنات الكربال «4» ، واضح السربال، مختلج

طور بواسطة نورين ميديا © 2015