فبت كأنى ساورتنى ضئيلة ... من الرّقش فى أنيابها السّمّ ناقع «1»
[يسهّد من ليل التمام سليمها ... لحلى النساء فى يديه قعاقع]
بات فى الصيف بليلة شتوية. سامرته الهموم، وعانقته الغموم، واكتحل المهاد، وافترش القتاد، فاكتحل «2» بملمول السهر، وتململ على فراش الفكر.
قد أقضّ مهاده، وقلق وساده. هموم تفرّق بين الجنب والمهاد، وتجمع بين العين والسّهاد. طرف برعى النجوم مطروف، وفراش بشعار الهمّ محفوف.
كأنه على النجوم رقيب، وللظلام نقيب.
أقبلت عساكر الليل، وخفقت رايات الظلام. وقد أرخى الليل علينا سدوله، وسحب الظلام فينا ذيوله. توقّد الشفق فى ثوب الغسق. أقبلت وفود النجوم [وجاءت مواكب الكواكب. تفتّحت أزاهير النجوم] ، وتوردت حدائق الجو، وأذكى الفلك مصابيحه. قد طفت النجوم فى بحر الدّجى، ولبس الظلام جلبابا من القار. ليلة كغراب الشباب، وحدق الحسان، وذوائب العذارى. ليلة كأنها فى لباس بنى العباس «3» ليلة كأنها فى لباس الثكالى، وكأنها من الغيش فى مواكب الحبش. ليلة قد حلك إهابها، فكأنّ البحر يهابها.
شرب كأس النعاس، وانتشى من خمر الكرى «4» ، قد عسكر النّعاس بطرفه، وخيّم بين عينيه. غرق فى لجّة الكرى، وتمايل فى سكرة النوم.
قد كحل الليل الورى بالرقاد، وشامت الأعين أجفانها فى الأغماد.