وينخرط في سلك هذا المعنى مقامة «1» من مقامات الإسكندرى في الكدية «2» مما أنشأه بديع الزمان وأملاه في شهور سنة خمس وثمانين وثمانين وثلاثمائة.

قال البديع:

حدّثنا عيسى بن هشام قال: حضرنا مجلس سيف الدولة يوما وقد عرض عليه فرس

متى ما ترقّ العين فيه تسهّل «3»

فلحظته الجماعة؛ فقال سيف الدولة: أيكم أحسن صفته، جعلته صلته؛ فكلّ جهد جهده، وبذل ما عنده؛ فقال أحد خدمه: أصلح الله الأمير! رأيت بالأمس رجلا يطأ الفصاحة بنعليه «4» ، وتقف الأبصار عليه، يسلّى الناس، ويشفى الياس، ولو أمر الأمير بإحضاره، لفضلهم بحضاره «5» .

فقال سيف الدولة: علىّ به في هيئته، فصار الخدم في طلبه، فجاءوا للوقب به، ولم يعلموه لأىّ حال دعي به، ثمّ قرّب واستدنى، وهو في طمرين قد أكل الدهر عليهما وشرب «6» ، وحين حضر السّماط، لثم البساط، ووقف.

فقال سيف الدولة: بلغتناعنك عارضة «7» ، فاعرضها في هذا الفرس وصفه. فقال:

أصلح الله الأمير! كيف به قبل ركوبه ووثوبه، وكشف عيوبه [وغيوبه] ؟

فقال: اركبه، فركبه وأجراه، ثم قال: أصلح الله الأمير! هو طويل الأذنين،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015