ولما وجّه عبد الملك بن مروان الحجاج بن يوسف إلى عبد الله بن الزبير وأوصاه بما أراد أن يوصيه، قال الأسود بن الهيثم النخعى: يا أمير المؤمنين، أوص هذا الغلام [الثقفى] بالكعبة ألّا يهدم أحجارها، ولا يهتك أستارها، ولا ينفّر أطيارها، وليأخذ على ابن الزبير شعائها؟؟؟، وعقابها، وأنقابها «1» ، حتى يموت فيها جوعا، ويخرج مخلوعا.
وكتب عبد الله بن طاهر إلى نصر بن شبيب وقد نزل به ليحاربه فى جنده، فوجده «2» متحصنا منه، فكتب إليه: اعتصامك بالقلال قيّد عزمك عن القتال، والتجاؤك إلى الحصون «3» ، ليس ينجيك من المنون، ولست بمفلت من أمير المؤمنين، فإما فارس مطاعن، أو راجل مستأمن. فلما قرأه حصره الرعب عن الجواب، فلم يلبث أن خرج مستأمنا.
قال بزرجمهر بن البختكان لبعض الملوك: أنعم تشكر، وأرهب تحذر، ولا تهازل فتحقر، فجعلهن الملك نقش خاتمه بدلا من اسمه واسم أبيه.
ولما قتل أنوشروان بزرجمهر وجد فى منطقته رقعة فيها مكتوب: إذا كانت الحظوظ بالجدود فما الحرص؟ وإذا كانت الأمور ليست بدائمة فما السرور؟
وإذا كانت الدنيا غرّارة فما الطمأنينة؟
[قال سقراط] : من كثر احتماله وظهر حلمه قلّ ظلمه وكثر أعوانه، ومن قلّ همّه على ما فاته استراحت نفسه وصفا ذهنه وطال عمره. وقال: من تعاهد