وهو إنما يقع من خصمين مثبت ونافي، المثبت يثبت الحكم بأحد الأصول الأربعة المتفق عليها، أو الأربعة المختلف فيها، أو بعلةٍ، والعلة تحتاج إلى إثباتها بأحد المسالك المتقدمة، والخصم وهو النافي عليه أن ينفي ذلك فإن كان الإثبات بدليلٍ فالخصم إما أن يكون معه مثله أو لا؟ فإن كان معه مثله فله تضعيف دليل خصمه، وإدعاء نسخه فإن صححه أو منع النسخ فبالحمل على غير محل النزاع، فإن كان كتابًا ومعه دليل من السنة فنقول: السنة مثبتة للكتاب، وإن كان إجماعًا عارضه بنفيه، وإن كان قاسيًا رده بالأصول الواردة عليه، أو بنفي الجامع، وإن كان علةً ردها بنفيها أو معارضة مثلها، أو أرجح، ومثبت الحكم يلزمه الدليل، ولا يلزم النافي دليلٌ في الأصح، وكل منازع يصحح مذهبه، وقد يفسد مذهب خصمه وقد لا يفسده، فإن لم يفسده فهو منازع في شيء واحد صحة مذهبه فقط، فيذكر الطرق المصححة، وخصمه عليه إبطالها، وإن أفسد مذهب خصمه فهو منازع في شيئين الصحة والفساد فعليه أن يذكر المصحح والمفسد، ولابد أن يذكر ذلك بحضرة خصمه فيسلم أو يبزر ما عنده، وإذا اتفق الخصمان على إفساد علة من سواهما فإفساد أحدهما علة الآخر دليل صحة علته في وجه، ولا يشترط الاجتهاد في المناظر بل عليه أن يعرف المأخذ والأغراض والجواب، ولا في المدرس فإن كان في الفقه كفاه ذكر الحكم ودليله أو تعليله، وإن كان في الأصول كفاه ذكره وحجته، وإن كان في النحو ذكره وشاهده ودليله ونحو ذلك، وغالب أحكام الجدل مذكورة في أصول الفقه.