ضَرْبَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، فَيَتَفَرَّقُ دَمُهُ فِي الْقَبَائِلِ، فَلَا تَدْرِي بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ بَعْدَ ذَلِكَ كَيْفَ تَصْنَعُ، وَلَا يُمْكِنُهَا مُعَادَاةُ الْقَبَائِلِ كُلِّهَا، وَنَسُوقُ إِلَيْهِمْ دِيَتَهُ، فَقَالَ الشَّيْخُ: لِلَّهِ دَرُّ الْفَتَى، هَذَا وَاللَّهِ الرَّأْيُ، قَالَ: فَتَفَرَّقُوا عَلَى ذَلِكَ، وَاجْتَمَعُوا عَلَيْهِ، فَجَاءَهُ جِبْرِيلُ بِالْوَحْيِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ، وَأَمَرَهُ أَنْ لَا يَنَامَ فِي مَضْجَعِهِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ.
( «وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أبي بكر نِصْفَ النَّهَارِ فِي سَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِيهِ فِيهَا مُتَقَنِّعًا، فَقَالَ لَهُ: " أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ " فَقَالَ: إِنَّمَا هُمْ أَهْلُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذِنَ لِي فِي الْخُرُوجِ، فَقَالَ أبو بكر: الصَّحَابَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَعَمْ، فَقَالَ أبو بكر: فَخُذْ بِأَبِي وَأُمِّي إِحْدَى رَاحِلَتَيْ هَاتَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِالثَّمَنِ» ) .
وَأَمَرَ عليا أَنْ يَبِيتَ فِي مَضْجَعِهِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، وَاجْتَمَعَ أُولَئِكَ النَّفَرُ مِنْ قُرَيْشٍ يَتَطَلَّعُونَ مِنْ صِيْرِ الْبَابِ وَيَرْصُدُونَهُ، وَيُرِيدُونَ بَيَاتَهُ، وَيَأْتَمِرُونَ أَيُّهُمْ يَكُونُ أَشْقَاهَا، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ فَأَخَذَ حَفْنَةً مِنَ الْبَطْحَاءِ، فَجَعَلَ يَذُرُّهُ عَلَى رُءُوسِهِمْ، وَهُمْ لَا يَرَوْنَهُ، وَهُوَ يَتْلُو: {وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ} [يس: 9] [يس: 9] وَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَيْتِ أبي بكر، فَخَرَجَا مِنْ خَوْخَةٍ فِي دَارِ أبي بكر لَيْلًا، وَجَاءَ رَجُلٌ وَرَأَى الْقَوْمَ بِبَابِهِ فَقَالَ: مَا تَنْتَظِرُونَ؟ قَالُوا: مُحَمًّدًا، قَالَ: خِبْتُمْ وَخَسِرْتُمْ، قَدْ وَاللَّهِ مَرَّ بِكُمْ وَذَرَّ عَلَى رُءُوسِكُمُ التُّرَابَ، قَالُوا: وَاللَّهِ مَا أَبْصَرْنَاهُ، وَقَامُوا يَنْفُضُونَ التُّرَابَ عَنْ رُءُوسِهِمْ، وَهُمْ: أبو جهل، والحكم بن العاص، وعقبة بن أبي معيط،