وَكَانَ مِنْ حِكْمَةِ أَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ بَقَاؤُهُ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ؛ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَصَالِحِ الَّتِي تَبْدُو لِمَنْ تَأَمَّلَهَا.

وَأَمَّا أَصْحَابُهُ، فَمَنْ كَانَ لَهُ عَشِيرَةٌ تَحْمِيهِ امْتَنَعَ بِعَشِيرَتِهِ، وَسَائِرُهُمْ تَصَدَّوْا لَهُ بِالْأَذَى وَالْعَذَابِ، مِنْهُمْ: عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، وَأُمُّهُ سمية، وَأَهْلُ بَيْتِهِ عُذِّبُوا فِي اللَّهِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا مَرَّ بِهِمْ وَهُمْ يُعَذَّبُونَ يَقُولُ: ( «صَبْرًا يَا آلَ يَاسِرٍ فَإِنَّ مَوْعِدَكُمُ الْجَنَّةُ» ) .

وَمِنْهُمْ: بِلَالُ بْنُ رَبَاحٍ، فَإِنَّهُ عُذِّبَ فِي اللَّهِ أَشَدَّ الْعَذَابِ، فَهَانَ عَلَى قَوْمِهِ، وَهَانَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ فِي اللَّهِ، وَكَانَ كُلَّمَا اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ يَقُولُ: أَحَدٌ أَحَدٌ، فَيَمُرُّ بِهِ ورقة بن نوفل فَيَقُولُ: إِي وَاللَّهِ يَا بلال، أَحَدٌ أَحَدٌ، أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ قَتَلْتُمُوهُ لَأَتَّخِذَنَّهُ حَنَانًا.

[اشتداد أذى المشركين على من أسلم]

فَصْلٌ

وَلَمَّا اشْتَدَّ أَذَى الْمُشْرِكِينَ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَفُتِنَ مِنْهُمْ مَنْ فُتِنَ حَتَّى يَقُولُوا لِأَحَدِهِمْ: اللَّاتُ وَالْعُزَّى إِلَهُكَ مِنْ دُونِ اللَّهِ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، وَحَتَّى إِنَّ الْجُعَلَ لَيَمُرُّ بِهِمْ فَيَقُولُونَ: وَهَذَا إِلَهُكَ مِنْ دُونِ اللَّهِ، فَيَقُولُ: نَعَمْ، وَمَرَّ عَدُوُّ اللَّهِ أبو جهل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015