رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (تَسَمَّوْا بِاسْمِي وَلَا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي» ) قَالُوا: وَحَدِيثُ علي فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ إِنْ وُلِدَ لِي مِنْ بَعْدِكَ وَلَدٌ، وَلَمْ يَسْأَلْهُ عَمَّنْ يُولَدُ لَهُ فِي حَيَاتِهِ، وَلَكِنْ قَالَ علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: " وَكَانَتْ رُخْصَةً لِي " وَقَدْ شَذَّ مَنْ لَا يُؤْبَهُ لِقَوْلِهِ، فَمَنَعَ التَّسْمِيَةَ بِاسْمِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِيَاسًا عَلَى النَّهْيِ عَنِ التَّكَنِّي بِكُنْيَتِهِ، وَالصَّوَابُ أَنَّ التَّسَمِّيَ بِاسْمِهِ جَائِزٌ، وَالتَّكَنِّيَ بِكُنْيَتِهِ مَمْنُوعٌ مِنْهُ، وَالْمَنْعُ فِي حَيَاتِهِ أَشَدُّ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مَمْنُوعٌ مِنْهُ، وَحَدِيثُ عائشة غَرِيبٌ لَا يُعَارَضُ بِمِثْلِهِ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ، وَحَدِيثُ علي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي صِحَّتِهِ نَظَرٌ، وَالتِّرْمِذِيُّ فِيهِ نَوْعُ تَسَاهُلٍ فِي التَّصْحِيحِ، وَقَدْ قَالَ علي: إِنَّهَا رُخْصَةٌ لَهُ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى بَقَاءِ الْمَنْعِ لِمَنْ سِوَاهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ
وَقَدْ كَرِهَ قَوْمٌ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ الْكُنْيَةَ بِأَبِي عِيسَى، وَأَجَازَهَا آخَرُونَ، فَرَوَى أبو داود عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ «أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ضَرَبَ ابْنًا لَهُ يُكْنَى أبا عيسى، وَأَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ تَكَنَّى بأبي عيسى، فَقَالَ لَهُ عمر: (أَمَا يَكْفِيكَ أَنْ تُكْنَى بأبي عبد الله؟ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَنَّانِي، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، وَإِنَّا لَفِي جَلْجَتِنَا، فَلَمْ يَزَلْ يُكَنَّى بأبي عبد الله حَتَّى هَلَكَ» )