انْفِكَاكِ الْمَوْلُودِ عَنْهَا بِالرَّهْنِ. وَقَدْ يَسْتَدِلُّ بِهَذَا مَنْ يَرَى وُجُوبَهَا كَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَأَهْلِ الظَّاهِرِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَإِنْ قِيلَ: فَكَيْفَ تَصْنَعُونَ فِي رِوَايَةِ همام عَنْ قتادة فِي هَذَا الْحَدِيثِ ": وَيُدَمَّى " قَالَ همام: سُئِلَ قتادة عَنْ قَوْلِهِ: وَ " يُدَمَّى " كَيْفَ يَصْنَعُ بِالدَّمِ؟ فَقَالَ: إِذَا ذُبِحَتِ الْعَقِيقَةُ أُخِذَتْ مِنْهَا صُوفَةٌ، وَاسْتُقْبِلَتْ بِهَا أَوْدَاجُهَا، ثُمَّ تُوضَعُ عَلَى يَافُوخِ الصَّبِيِّ حَتَّى تَسِيلَ عَلَى رَأْسِهِ مِثْلَ الْخَيْطِ ثُمَّ يُغْسَلُ رَأْسُهُ بَعْدُ وَيُحْلَقُ.
قِيلَ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ فَمِنْ قَائِلٍ: هَذَا مِنْ رِوَايَةِ الحسن عَنْ سمرة، وَلَا يَصِحُّ سَمَاعُهُ عَنْهُ، وَمِنْ قَائِلٍ: سَمَاعُ الحسن عَنْ سمرة حَدِيثَ الْعَقِيقَةِ هَذَا صَحِيحٌ، صَحَّحَهُ الترمذي وَغَيْرُهُ، وَقَدْ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي " صَحِيحِهِ " عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، قَالَ: قَالَ لِي مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: اذْهَبْ فَسَلِ الحسن مِمَّنْ سَمِعَ حَدِيثَ الْعَقِيقَةِ؟ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: سَمِعْتُهُ مِنْ سمرة.
ثُمَّ اخْتُلِفَ فِي التَّدْمِيَةِ بَعْدُ، هَلْ هِيَ صَحِيحَةٌ أَوْ غَلَطٌ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ. فَقَالَ أبو داود فِي " سُنَنِهِ ": هِيَ وَهْمٌ مِنْ هَمَّامِ بْنِ يَحْيَى. وَقَوْلُهُ وَيُدَمَّى، إِنَّمَا هُوَ " وَيُسَمَّى " وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ فِي لِسَانِ همام لُثْغَةٌ فَقَالَ: " وَيُدَمَّى " وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يُسَمَّى، وَهَذَا لَا يَصِحُّ، فَإِنَّ هماما وَإِنْ كَانَ وَهِمَ فِي اللَّفْظِ وَلَمْ يُقِمْهُ لِسَانُهُ، فَقَدْ حَكَى عَنْ قتادة صِفَّةَ التَّدْمِيَةِ وَأَنَّهُ سُئِلَ عَنْهَا، فَأَجَابَ بِذَلِكَ، وَهَذَا لَا تَحْتَمِلُهُ اللُّثْغَةُ بِوَجْهٍ. فَإِنْ كَانَ لَفْظُ التَّدْمِيَةِ هُنَا وَهْمًا، فَهُوَ مِنْ قتادة، أَوْ مِنَ الحسن، وَالَّذِينَ أَثْبَتُوا لَفْظَ التَّدْمِيَةِ قَالُوا: إِنَّهُ مِنْ سُنَّةِ الْعَقِيقَةِ، وَهَذَا مَرْوِيٌّ عَنِ الحسن وقتادة، وَالَّذِينَ مَنَعُوا التَّدْمِيَةَ كمالك، وَالشَّافِعِيِّ، وأحمد وإسحاق، قَالُوا: " وَيُدَمَّى " غَلَطٌ، وَإِنَّمَا هُوَ " وَيُسَمَّى " قَالُوا: وَهَذَا كَانَ مِنْ عَمَلِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَأَبْطَلَهُ الْإِسْلَامُ بِدَلِيلِ مَا رَوَاهُ أبو داود، عَنْ بُرَيْدَةَ بْنِ الْحُصَيْبِ قَالَ: ( «كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا وُلِدَ لِأَحَدِنَا غُلَامٌ ذَبَحَ شَاةً، وَلَطَّخَ رَأْسَهُ بِدَمِهَا، فَلَمَّا جَاءَ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ كُنَّا نَذْبَحُ