غُسْلِهِ، ثُمَّ غَسَلَ الطِّيبَ عَنْهُ لَمَّا اغْتَسَلَ.
وَمَنْشَأُ هَذَا الْوَهْمِ مِنْ سِيَاقِ مَا وَقَعَ فِي " صَحِيحِ مسلم " فِي حَدِيثِ عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: ( «طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ طَافَ عَلَى نِسَائِهِ بَعْدَ ذَلِكَ، ثُمَّ أَصْبَحَ مُحْرِمًا» ) .
وَالَّذِي يَرُدُّ هَذَا الْوَهْمَ قَوْلُهَا: ( «طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِإِحْرَامِهِ» ) وَقَوْلُهَا: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الطِّيبِ أَيْ: بَرِيقِهِ فِي مَفَارِقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَفِي لَفْظٍ: وَهُوَ يُلَبِّي بَعْدَ ثَلَاثٍ مِنْ إِحْرَامِهِ، وَفِي لَفْظٍ: ( «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ تَطَيَّبَ بِأَطْيَبَ مَا يَجِدُ، ثُمَّ أَرَى وَبِيصَ الطِّيبِ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ» ) ، وَكُلُّ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ أَلْفَاظُ الصَّحِيحِ.
وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي احْتَجَّ بِهِ فَإِنَّهُ حَدِيثُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْهَا: ( «كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ، ثُمَّ يُصْبِحُ مُحْرِمًا» ) ، وَهَذَا لَيْسَ فِيهِ مَا يَمْنَعُ الطِّيبَ الثَّانِيَ عِنْدَ إِحْرَامِهِ.
فَصْلٌ
وَمِنْهَا: وَهْمٌ آخَرُ لأبي محمد بن حزم أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْرَمَ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَهُوَ وَهْمٌ ظَاهِرٌ لَمْ يُنْقَلْ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ، وَإِنَّمَا أَهَلَّ عَقِيبَ صَلَاةِ الظُّهْرِ فِي مَوْضِعِ مُصَلَّاهُ، ثُمَّ رَكِبَ نَاقَتَهُ، وَاسْتَوَتْ بِهِ عَلَى الْبَيْدَاءِ، وَهُوَ يُهِلُّ، وَهَذَا يَقِينًا كَانَ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ
وَمِنْهَا وَهْمٌ آخَرُ لَهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ: وَسَاقَ الْهَدْيَ مَعَ نَفْسِهِ، وَكَانَ هَدْيَ تَطَوُّعٍ، وَهَذَا بِنَاءٌ مِنْهُ عَلَى أَصْلِهِ الَّذِي انْفَرَدَ بِهِ عَنِ الْأَئِمَّةِ أَنَّ الْقَارِنَ لَا يَلْزَمُهُ هَدْيٌ وَإِنَّمَا