التَّنْعِيمِ، فَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ فَقَضَى اللَّهُ حَجَّنَا وَعُمْرَتَنَا، وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ هَدْيٌ وَلَا صَدَقَةٌ وَلَا صَوْمٌ.
وَهَذَا مَسْلَكٌ فَاسِدٌ تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ حَزْمٍ عَنِ النَّاسِ. وَالَّذِي عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ، أَنَّ الْقَارِنَ يَلْزَمُهُ الْهَدْيُ، كَمَا يَلْزَمُ الْمُتَمَتِّعَ، بَلْ هُوَ مُتَمَتِّعٌ حَقِيقَةً فِي لِسَانِ الصَّحَابَةِ، كَمَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا هَذَا الْحَدِيثُ فَالصَّحِيحُ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ الْأَخِيرَ مِنْ قَوْلِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، جَاءَ ذَلِكَ فِي " صَحِيحِ مسلم " مُصَرَّحًا بِهِ، فَقَالَ حَدَّثَنَا أبو كريب، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -. . . فَذَكَرَتِ الْحَدِيثَ. وَفِي آخِرِهِ: قَالَ عروة فِي ذَلِكَ: إِنَّهُ قَضَى اللَّهُ حَجَّهَا وَعُمْرَتَهَا. قَالَ هشام: وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ هَدْيٌ وَلَا صِيَامٌ وَلَا صَدَقَةٌ.
قَالَ أبو محمد: إِنْ كَانَ وَكِيعٌ جَعَلَ هَذَا الْكَلَامَ لهشام، فابن نمير، وعبدة أَدْخَلَاهُ فِي كَلَامِ عائشة، وَكُلٌّ مِنْهُمَا ثِقَةٌ فَوَكِيعٌ نَسَبَهُ إِلَى هشام؛ لِأَنَّهُ سَمِعَ هشاما يَقُولُهُ، وَلَيْسَ قَوْلُ هشام إِيَّاهُ بِدَافِعِ أَنْ تَكُونَ عائشة قَالَتْهُ، فَقَدْ يَرْوِي الْمَرْءُ حَدِيثًا يُسْنِدُهُ، ثُمَّ يُفْتِي بِهِ دُونَ أَنْ يُسْنِدَهُ، فَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ هَذَا بِمُتَدَافِعٍ وَإِنَّمَا يَتَعَلَّلُ بِمِثْلِ هَذَا مَنْ لَا يُنْصِفُ وَمَنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ، وَالصَّحِيحُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ ثِقَةٍ فَمُصَدَّقٌ فِيمَا نَقَلَ. فَإِذَا أَضَافَ عبدة وَابْنُ نُمَيْرٍ الْقَوْلَ إِلَى عائشة، صُدِّقَا لِعَدَالَتِهِمَا. وَإِذَا أَضَافَهُ وَكِيعٌ إِلَى هشام، صُدِّقَ أَيْضًا لِعَدَالَتِهِ، وَكُلٌّ صَحِيحٌ، وَتَكُونُ عائشة قَالَتْهُ وهشام قَالَهُ.
قُلْتُ: هَذِهِ الطَّرِيقَةُ هِيَ اللَّائِقَةُ بِظَاهِرِيَّتِهِ، وَظَاهِرِيَّةِ أَمْثَالِهِ مِمَّنْ لَا فِقْهَ لَهُ فِي عِلَلِ الْأَحَادِيثِ، كَفِقْهِ الْأَئِمَّةِ النُّقَّادِ أَطِبَّاءِ عِلَلِهِ، وَأَهْلِ الْعِنَايَةِ بِهَا، وَهَؤُلَاءِ لَا