وَصَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: ( «إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَاهُنَا، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَاهُنَا، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ» ) . وَفُسِّرَ بِأَنَّهُ قَدْ أَفْطَرَ حُكْمًا، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ، وَبِأَنَّهُ قَدْ دَخَلَ وَقْتُ فِطْرِهِ كَأَصْبَحَ وَأَمْسَى، وَنَهَى الصَّائِمَ عَنِ الرَّفَثِ وَالصَّخَبِ وَالسِّبَابِ وَجَوَابِ السِّبَابِ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَقُولَ لِمَنْ سَابَّهُ: (إِنِّي صَائِمٌ) فَقِيلَ: يَقُولُهُ بِلِسَانِهِ وَهُوَ أَظْهَرُ، وَقِيلَ: بِقَلْبِهِ تَذْكِيرًا لِنَفْسِهِ بِالصَّوْمِ، وَقِيلَ: يَقُولُهُ فِي الْفَرْضِ بِلِسَانِهِ، وَفِي التَّطَوِّعِ فِي نَفْسِهِ، لِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنِ الرِّيَاءِ.
فصل
وَسَافَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ، فَصَامَ وَأَفْطَرَ، وَخَيَّرَ الصَّحَابَةَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ.
وَكَانَ يَأْمُرُهُمْ بِالْفِطْرِ إِذَا دَنَوْا مِنْ عَدُوِّهِمْ لِيَتَقَوَّوْا عَلَى قِتَالِهِ.
فَلَوِ اتَّفَقَ مِثْلُ هَذَا فِي الْحَضَرِ وَكَانَ فِي الْفِطْرِ قُوَّةً لَهُمْ عَلَى لِقَاءِ عَدُوِّهِمْ فَهَلْ لَهُمُ الْفِطْرُ؟ فِيهِ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا دَلِيلًا: أَنَّ لَهُمْ ذَلِكَ، وَهُوَ اخْتِيَارُ ابن تيمية، وَبِهِ أَفْتَى الْعَسَاكِرَ الْإِسْلَامِيَّةَ لَمَّا لَقُوا الْعَدُوَّ بِظَاهِرِ دِمَشْقَ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْفِطْرَ