جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ» ) . قِيلَ: وَكَانَ ذَلِكَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، وَمُدَّةُ النُّبُوَّةِ ثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً، فَهَذِهِ الرُّؤْيَا جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ أَكْرَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالنُّبُوَّةِ، فَجَاءَهُ الْمَلَكُ وَهُوَ بِغَارِ حِرَاءٍ، وَكَانَ يُحِبُّ الْخَلْوَةَ فِيهِ، فَأَوَّلُ مَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: 1] [الْعَلَقِ: 1] هَذَا قَوْلُ عائشة وَالْجُمْهُورِ.
وَقَالَ جابر: أَوَّلُ مَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} [المدثر: 1] .
وَالصَّحِيحُ قَوْلُ عائشة لِوُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ قَوْلَهُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَمْ يَقْرَأْ قَبْلَ ذَلِكَ شَيْئًا.
الثَّانِي: الْأَمْرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي التَّرْتِيبِ قَبْلَ الْأَمْرِ بِالْإِنْذَارِ، فَإِنَّهُ إِذَا قَرَأَ فِي نَفْسِهِ أُنْذِرَ بِمَا قَرَأَهُ، فَأَمَرَهُ بِالْقِرَاءَةِ أَوَّلًا، ثُمَّ بِالْإِنْذَارِ بِمَا قَرَأَهُ ثَانِيًا.
الثَّالِثُ: أَنَّ حَدِيثَ جابر، وَقَوْلَهُ: أَوَّلُ مَا أُنْزِلَ مِنَ الْقُرْآنِ {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} [المدثر: 1] قَوْلُ جابر، وعائشة أَخْبَرَتْ عَنْ خَبَرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَفْسِهِ بِذَلِكَ.