رَكْعَتَيْنِ) » . وَقَالَ ( «إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الْجُمُعَةَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ وَلْيَتَجَوَّزْ فِيهِمَا» ) . فَهَذَا هُوَ الْمَحْفُوظُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَأَفْرَادُ ابْنِ مَاجَهْ فِي الْغَالِبِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ، هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ.
وَقَالَ شَيْخُنَا أبو الحجاج الحافظ المزي: هَذَا تَصْحِيفٌ مِنَ الرُّوَاةِ إِنَّمَا هُوَ ( «أَصَلَّيْتَ قَبْلَ أَنْ تَجْلِسَ» ) فَغَلِطَ فِيهِ النَّاسِخُ.
وَقَالَ: وَكِتَابُ ابْنِ مَاجَهْ إِنَّمَا تَدَاوَلَتْهُ شُيُوخٌ لَمْ يَعْتَنُوا بِهِ بِخِلَافِ صَحِيحَيِ الْبُخَارِيِّ ومسلم، فَإِنَّ الْحُفَّاظَ تَدَاوَلُوهُمَا، وَاعْتَنَوْا بِضَبْطِهِمَا وَتَصْحِيحِهِمَا، قَالَ: وَلِذَلِكَ وَقَعَ فِيهِ أَغْلَاطٌ وَتَصْحِيفٌ.
قُلْتُ: وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا أَنَّ الَّذِينَ اعْتَنَوْا بِضَبْطِ سُنَنِ الصَّلَاةِ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا، وَصَنَّفُوا فِي ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْأَحْكَامِ وَالسُّنَنِ وَغَيْرِهَا، لَمْ يَذْكُرْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ فِي سُنَّةِ الْجُمُعَةِ قَبْلَهَا، وَإِنَّمَا ذَكَرُوهُ فِي اسْتِحْبَابِ فِعْلِ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَالْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَاحْتَجُّوا بِهِ عَلَى مَنْ مَنَعَ مِنْ فِعْلِهَا فِي هَذِهِ الْحَالِ فَلَوْ كَانَتْ هِيَ سُنَّةَ الْجُمُعَةِ لَكَانَ ذِكْرُهَا هُنَاكَ، وَالتَّرْجَمَةُ عَلَيْهَا وَحِفْظُهَا وَشُهْرَتُهَا أَوْلَى مِنْ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ.
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْمُرْ بِهَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ إِلَّا الدَّاخِلَ لِأَجَلِ أَنَّهَا تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ.
وَلَوْ كَانَتْ سُنَّةَ الْجُمُعَةِ، لَأَمَرَ بِهَا الْقَاعِدِينَ أَيْضًا وَلَمْ يَخُصَّ بِهَا الدَّاخِلَ وَحْدَهُ.
وَمِنْهُمْ مَنِ احْتَجَّ بِمَا رَوَاهُ أبو داود فِي " سُنَنِهِ " قَالَ: حَدَّثَنَا مسدد، قَالَ حَدَّثَنَا إسماعيل، حَدَّثَنَا أيوب، عَنْ نافع، قَالَ: «كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُطِيلُ الصَّلَاةَ قَبْلَ الْجُمُعَةِ، وَيُصَلِّي بَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ، وَحَدَّثَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ» .
وَهَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ عَلَى أَنَّ لِلْجُمُعَةِ سُنَّةً قَبْلَهَا وَإِنَّمَا أَرَادَ