أَشَدُّ مِنْ طَلَبِهَا فِي الْفِطْرِ، وَلِأَنَّهُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ، وَالطُّهُورُ لِلصَّائِمِ مَنْ أَفْضَلِ أَعْمَالِهِ.
وَفِي " السُّنَنِ ": عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: ( «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَا أُحْصِي يَسْتَاكُ، وَهُوَ صَائِمٌ» ) وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: ( «يَسْتَاكُ أَوَّلَ النَّهَارِ وَآخِرَهُ» ) .
وَأَجْمَعَ النَّاسُ عَلَى أَنَّ الصَّائِمَ يَتَمَضْمَضُ وُجُوبًا وَاسْتِحْبَابًا، وَالْمَضْمَضَةُ أَبْلَغُ مِنَ السِّوَاكِ، وَلَيْسَ لِلَّهِ غَرَضٌ فِي التَّقَرُّبِ إِلَيْهِ بِالرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ، وَلَا هِيَ مِنْ جِنْسِ مَا شُرِعَ التَّعَبُّدُ بِهِ، وَإِنَّمَا ذُكِرَ طِيبُ الْخُلُوفِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَثًّا مِنْهُ عَلَى الصَّوْمِ، لَا حَثًّا عَلَى إِبْقَاءِ الرَّائِحَةِ، بَلِ الصَّائِمُ أَحْوَجُ إِلَى السِّوَاكِ مِنَ الْمُفْطِرِ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ رِضْوَانَ اللَّهِ أَكْبَرُ مَنِ اسْتِطَابَتِهِ لِخُلُوفِ فَمِ الصَّائِمِ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ مَحَبَّتَهُ لِلسِّوَاكِ أَعْظَمُ مِنْ مَحَبَّتِهِ لِبَقَاءِ خُلُوفِ فَمِ الصَّائِمِ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ السِّوَاكَ لَا يَمْنَعُ طِيبَ الْخُلُوفِ الَّذِي يُزِيلُهُ السِّوَاكُ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، بَلْ يَأْتِي الصَّائِمُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَخُلُوفُ فَمِهِ أَطْيَبُ مِنَ الْمِسْكِ عَلَامَةً عَلَى صِيَامِهِ، وَلَوْ أَزَالَهُ بِالسِّوَاكِ، كَمَا أَنَّ الْجَرِيحَ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَوْنُ دَمِ جُرْحِهِ لَوْنُ الدَّمِ، وَرِيحُهُ رِيحُ الْمِسْكِ، وَهُوَ مَأْمُورٌ بِإِزَالَتِهِ فِي الدُّنْيَا.
وَأَيْضًا فَإِنَّ الْخُلُوفَ لَا يَزُولُ بِالسِّوَاكِ، فَإِنَّ سَبَبَهُ قَائِمٌ، وَهُوَ خُلُوُّ الْمَعِدَةِ عَنِ الطَّعَامِ، وَإِنَّمَا يَزُولُ أَثَرُهُ، وَهُوَ الْمُنْعَقِدُ عَلَى الْأَسْنَانِ وَاللِّثَةِ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَ أُمَّتَهُ مَا يُسْتَحَبُّ لَهُمْ فِي الصِّيَامِ، وَمَا يُكْرَهُ