فَإِنَّهُ أَرَادَ بِالْمَطْبُوبِ الَّذِي قَدْ سُحِرَ، وَأَرَادَ بِالْمَسْحُورِ: الْعَلِيلُ بِالْمَرَضِ.
قَالَ الجوهري: وَيُقَالُ لِلْعَلِيلِ مَسْحُورٌ. وَأَنْشَدَ الْبَيْتَ. وَمَعْنَاهُ: إِنْ كَانَ هَذَا الَّذِي قَدْ عَرَانِي مِنْكِ وَمِنْ حُبِّكِ أَسْأَلُ اللَّهَ دَوَامَهُ، وَلَا أُرِيدُ زَوَالَهُ، سَوَاءٌ كَانَ سِحْرًا أَوْ مَرَضًا.
وَالطِّبُّ: مُثَلَّثُ الطَّاءِ، فَالْمَفْتُوحُ الطَّاءِ هُوَ الْعَالِمُ بِالْأُمُورِ، وَكَذَلِكَ الطَّبِيبُ يُقَالُ لَهُ: طَبٌّ أَيْضًا. وَالطِّبُّ: بِكَسْرِ الطَّاءِ: فِعْلُ الطَّبِيبِ، وَالطُّبُّ بِضَمِّ الطَّاءِ: اسْمُ مَوْضِعٍ، قَالَهُ ابن السيد، وَأَنْشَدَ:
فَقُلْتُ هَلِ انْهَلْتُمْ بِطُبِّ رِكَابِكُمْ ... بِجَائِزَةِ الْمَاءِ الَّتِي طَابَ طِينُهَا
وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «مَنْ تَطَبَّبَ» ) وَلَمْ يَقُلْ: مَنْ طَبَّ؛ لِأَنَّ لَفْظَ التَّفَعُّلِ يَدُلُّ عَلَى تَكَلُّفِ الشَّيْءِ وَالدُّخُولِ فِيهِ بِعُسْرٍ وَكُلْفَةٍ، وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ، كَتَحَلَّمَ وَتَشَجَّعَ وَتَصَبَّرَ وَنَظَائِرِهَا، وَكَذَلِكَ بَنَوْا تَكَلَّفَ عَلَى هَذَا الْوَزْنِ، قَالَ الشَّاعِرُ:
وَقَيْسُ عَيْلَانَ وَمَنْ تَقَيَّسَا
وَأَمَّا الْأَمْرُ الشَّرْعِيُّ، فَإِيجَابُ الضَّمَانِ عَلَى الطَّبِيبِ الْجَاهِلِ، فَإِذَا تَعَاطَى عِلْمَ الطِّبِّ وَعَمَلَهُ، وَلَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ بِهِ مَعْرِفَةٌ، فَقَدْ هَجَمَ بِجَهْلِهِ عَلَى إِتْلَافِ الْأَنْفُسِ، وَأَقْدَمَ بِالتَّهَوُّرِ عَلَى مَا لَمْ يَعْلَمْهُ، فَيَكُونُ قَدْ غَرَّرَ بِالْعَلِيلِ، فَيَلْزَمُهُ الضَّمَانُ لِذَلِكَ،