وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنْ عائشة رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا قَالَتْ: لَدَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَشَارَ أَنْ لَا تَلُدُّونِي، فَقُلْنَا: كَرَاهِيَةَ الْمَرِيضِ لِلدَّوَاءِ، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ: ( «أَلَمْ أَنْهَكُمْ أَنْ تَلُدُّونِي لَا يَبْقَى مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا لُدَّ غَيْرَ عَمِّي العباس، فَإِنَّهُ لَمْ يَشْهَدْكُمْ» ")
قَالَ أبو عبيد عن الأصمعي: اللُّدُودُ: مَا يُسْقَى الْإِنْسَانُ فِي أَحَدِ شِقَّيِ الْفَمِ، أُخِذَ مِنْ لَدِيدَيِ الْوَادِي، وَهُمَا جَانِبَاهُ. وَأَمَّا الْوَجُورُ فَهُوَ فِي وَسَطِ الْفَمِ.
قُلْتُ: وَاللَّدُودُ - بِالْفَتْحِ - هُوَ الدَّوَاءُ الَّذِي يُلَدُّ بِهِ. وَالسَّعُوطُ مَا أُدْخِلَ مِنْ أَنْفِهِ.
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ مُعَاقَبَةُ الْجَانِي بِمِثْلِ مَا فَعَلَ سَوَاءٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِعْلُهُ مُحَرَّمًا لِحَقِّ اللَّهِ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَقْطُوعُ بِهِ لِبِضْعَةَ عَشَرَ دَلِيلًا قَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَهُوَ مَنْصُوصُ أحمد، وَهُوَ ثَابِتٌ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَتَرْجَمَةُ الْمَسْأَلَةِ بِالْقِصَاصِ فِي اللَّطْمَةِ وَالضَّرْبَةِ، وَفِيهَا عِدَّةُ أَحَادِيثَ لَا مُعَارِضَ لَهَا الْبَتَّةَ، فَيَتَعَيَّنُ الْقَوْلُ بِهَا.