وَالتَّلْيِينِ لَا تُوجَدُ فِي اللَّبَنِ، وَهَذَا كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّ أَدْوِيَةَ غَالِبِ الْأُمَمِ وَالْبَوَادِي هِيَ الْأَدْوِيَةُ الْمُفْرَدَةُ، وَعَلَيْهِ أَطِبَّاءُ الْهِنْدِ.
وَأَمَّا الرُّومُ وَالْيُونَانُ فَيَعْتَنُونَ بِالْمُرَكَّبَةِ، وَهُمْ مُتَّفِقُونَ كُلُّهُمْ عَلَى أَنَّ مِنْ مَهَارَةِ الطَّبِيبِ أَنْ يُدَاوِيَ بِالْغِذَاءِ، فَإِنْ عَجَزَ فَبِالْمُفْرَدِ، فَإِنْ عَجَزَ فَبِمَا كَانَ أَقَلَّ تَرْكِيبًا.
وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ غَالِبَ عَادَاتِ الْعَرَبِ وَأَهْلِ الْبَوَادِي الْأَمْرَاضُ الْبَسِيطَةُ، فَالْأَدْوِيَةُ الْبَسِيطَةُ تُنَاسِبُهَا، وَهَذَا لِبَسَاطَةِ أَغْذِيَتِهِمْ فِي الْغَالِبِ. وَأَمَّا الْأَمْرَاضُ الْمُرَكَّبَةُ فَغَالِبًا مَا تَحْدُثُ عَنْ تَرْكِيبِ الْأَغْذِيَةِ وَتَنَوِّعِهَا وَاخْتِلَافِهَا، فَاخْتِيرَتْ لَهَا الْأَدْوِيَةُ الْمُرَكَّبَةُ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عِلَاجِ يُبْسِ الطَّبْعِ، وَاحْتِيَاجِهِ إِلَى مَا يُمَشِّيهِ وَيُلَيِّنُهُ
رَوَى الترمذي فِي " جَامِعِهِ " وَابْنُ مَاجَهْ فِي " سُنَنِهِ " مِنْ حَدِيثِ أسماء بنت عميس قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «بِمَاذَا كُنْتِ تَسْتَمْشِينَ؟ قَالَتْ بِالشُّبْرُمِ، قَالَ " حَارٌّ جَارٌّ " قَالَتْ: ثُمَّ اسْتَمْشَيْتُ بِالسَّنَا فَقَالَ " لَوْ كَانَ شَيْءٌ يَشْفِي مِنَ الْمَوْتِ لَكَانَ السَّنَا» ) .