إِنَّكَ لَمْ تَعْدِلْ، فَإِنَّ هَذَا مَحْضُ حَقِّهِ، لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَهِ، وَلَهُ أَنْ يَتْرُكَهُ، وَلَيْسَ لِلْأُمَّةِ بَعْدَهُ تَرْكُ اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ، بَلْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِمُ اسْتِيفَاؤُهُ، وَلَا بُدَّ وَلِتَقْرِيرِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ مَوْضِعٌ آخَرُ، وَالْغَرَضُ التَّنْبِيهُ وَالْإِشَارَةُ
فَصْلٌ
وَمِنْهَا: أَنَّ أَهْلَ الْعَهْدِ وَالذِّمَّةِ إِذَا أَحْدَثَ أَحَدٌ مِنْهُمْ حَدَثًا فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْإِسْلَامِ انْتَقَضَ عَهْدُهُ فِي مَالِهِ وَنَفْسِهِ، وَأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ الْإِمَامُ فَدَمُهُ وَمَالُهُ هَدْرٌ، وَهُوَ لِمَنْ أَخَذَهُ، كَمَا قَالَ فِي صُلْحِ أَهْلِ أَيْلَةَ: فَمَنْ أَحْدَثَ مِنْهُمْ حَدَثًا فَإِنَّهُ لَا يَحُولُ مَالُهُ دُونَ نَفْسِهِ، وَهُوَ لِمَنْ أَخَذَهُ مِنَ النَّاسِ، وَهَذَا لِأَنَّهُ بِالْأَحْدَاثِ صَارَ مُحَارَبًا حُكْمُهُ حُكْمُ أَهْلِ الْحَرْبِ
فَصْلٌ
وَمِنْهَا: جَوَازُ الدَّفْنِ بِاللَّيْلِ كَمَا دَفَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذا البجادين لَيْلًا.
وَقَدْ سُئِلَ أحمد عَنْهُ فَقَالَ: وَمَا بَأْسٌ بِذَلِكَ، وَقَالَ: أبو بكر دُفِنَ لَيْلًا، وعلي دَفَنَ فاطمة لَيْلًا، وَقَالَتْ عائشة: (سَمِعْنَا صَوْتَ الْمَسَاحِي مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فِي دَفْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) . انْتَهَى. وَدُفِنَ عثمان وعائشة وَابْنُ مَسْعُودٍ لَيْلًا
وَفِي الترمذي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ( «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ قَبْرًا لَيْلًا فَأُسْرِجَ لَهُ سِرَاجٌ فَأَخَذَهُ مِنْ قِبَلِ الْقِبْلَةِ، وَقَالَ: رَحِمَكَ اللَّهُ، إِنْ كُنْتَ لَأَوَّاهًا تَلَّاءً لِلْقُرْآنِ» ) قَالَ الترمذي: حَدِيثٌ حَسَنٌ
وَفِي الْبُخَارِيِّ: ( «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ عَنْ رَجُلٍ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: