وَكَذَلِكَ اخْتَارَ أَصْحَابَهُ مِنْ جُمْلَةِ الْعَالَمِينَ، وَاخْتَارَ مِنْهُمُ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ، وَاخْتَارَ مِنْهُمْ أَهْلَ بَدْرٍ، وَأَهْلَ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ، وَاخْتَارَ لَهُمْ مِنَ الدِّينِ أَكْمَلَهُ، وَمِنَ الشَّرَائِعِ أَفْضَلَهَا، وَمِنَ الْأَخْلَاقِ أَزْكَاهَا وَأَطْيَبَهَا وَأَطْهَرَهَا.
وَاخْتَارَ أُمَّتَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ، كَمَا فِي " مُسْنَدِ الْإِمَامِ أحمد " وَغَيْرِهِ مِنْ حَدِيثِ بَهْزِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «أَنْتُمْ مُوفُونَ سَبْعِينَ أُمَّةً أَنْتُمْ خَيْرُهَا وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللَّهِ» ) . قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وأحمد: حَدِيثُ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ صَحِيحٌ.
وَظَهَرَ أَثَرُ هَذَا الِاخْتِيَارِ فِي أَعْمَالِهِمْ، وَأَخْلَاقِهِمْ، وَتَوْحِيدِهِمْ، وَمَنَازِلِهِمْ فِي الْجَنَّةِ، وَمَقَامَاتِهِمْ فِي الْمَوْقِفِ، فَإِنَّهُمْ أَعْلَى مِنَ النَّاسِ عَلَى تَلٍّ فَوْقَهُمْ يُشْرِفُونَ عَلَيْهِمْ، وَفِي الترمذي مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ بْنِ الْحُصَيْبِ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «أَهْلُ الْجَنَّةِ عِشْرُونَ وَمِائَةُ صَفٍّ، ثَمَانُونَ مِنْهَا مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَأَرْبَعُونَ مِنْ سَائِرِ الْأُمَمِ» ) قَالَ الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ. وَالَّذِي فِي " الصَّحِيحِ " مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ بَعْثِ النَّارِ « (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَطْمَعُ أَنْ تَكُونُوا شَطْرَ أَهْلِ)