وَيُذْكَرُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: ( «مَا نَقَضَ قَوْمٌ الْعَهْدَ إِلَّا أُدِيلَ عَلَيْهِمُ الْعَدُوُّ» ) .
فَصْلٌ
وَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، صَارَ الْكُفَّارُ مَعَهُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ صَالَحَهُمْ وَوَادَعَهُمْ عَلَى أَلَّا يُحَارِبُوهُ، وَلَا يُظَاهِرُوا عَلَيْهِ، وَلَا يُوَالُوا عَلَيْهِ عَدُوَّهُ، وَهُمْ عَلَى كُفْرِهِمْ آمِنُونَ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ.
وَقِسْمٌ: حَارَبُوهُ وَنَصَبُوا لَهُ الْعَدَاوَةَ.
وَقِسْمٌ: تَارَكُوهُ، فَلَمْ يُصَالِحُوهُ، وَلَمْ يُحَارِبُوهُ، بَلِ انْتَظَرُوا مَا يَئُولُ إِلَيْهِ أَمْرُهُ، وَأَمْرُ أَعْدَائِهِ، ثُمَّ مِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ كَانَ يُحِبُّ ظُهُورَهُ، وَانْتِصَارَهُ فِي الْبَاطِنِ، وَمِنْهُمْ: مَنْ كَانَ يُحِبُّ ظُهُورَ عَدُوِّهِ عَلَيْهِ وَانْتِصَارَهُمْ، وَمِنْهُمْ: مَنْ دَخَلَ مَعَهُ فِي الظَّاهِرِ، وَهُوَ مَعَ عَدُوِّهِ فِي الْبَاطِنِ، لِيَأْمَنَ الْفَرِيقَيْنِ، وَهَؤُلَاءِ هُمُ الْمُنَافِقُونَ، فَعَامَلَ كُلَّ طَائِفَةٍ مِنْ هَذِهِ الطَّوَائِفِ بِمَا أَمَرَهُ بِهِ رَبُّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.
فَصَالَحَ يَهُودَ الْمَدِينَةِ، وَكَتَبَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ كِتَابَ أَمْنٍ، وَكَانُوا ثَلَاثَ طَوَائِفَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ: بَنِي قَيْنُقَاعَ، وَبَنِي النَّضِيرِ، وَبَنِي قُرَيْظَةَ، فَحَارَبَتْهُ بَنُو قَيْنُقَاعَ بَعْدَ