نفسه خيفة، فرأوا ذلك في وجهه، فقالوا: لا تَخَفْ.
قوله تعالى: إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ قال الزجاج: أي: أُرسلنا بالعذاب إِليهم. قال ابن الأنباري: وإِنما أُضمر ذلك ها هنا، لقيام الدليل عليه بذكر الله تعالى له في سورة أخرى.
وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ (71) قالَتْ يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (72)
قوله تعالى: وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ واسمها سارة. واختلفوا أين كانت قائمة على ثلاثة أقوال:
أحدها: وراء الستر تسمع كلامهم، قاله وهب. والثاني: كانت قائمة تخدمهم، قاله مجاهد، والسدي. والثالث: كانت قائمة تصلي، قاله محمد بن إِسحاق.
وفي قوله: فَضَحِكَتْ ثلاثة أقوال «1» : أحدها: أن الضحك ها هنا بمعنى التعجب، قاله أبو صالح عن ابن عباس. والثاني: أن معنى «ضحكت» حاضت، قاله مجاهد وعكرمة. قال ابن قتيبة:
وهذا من قولهم: ضحكت الأرنب: إِذا حاضت فعلى هذا: يكون حيضها حينئذ تأكيدا للبشارة بالولد.
لأن من لا تحيض لا تحمل. وقال الفراء: لم نسمع من ثقة أن معنى (ضحكت) حاضت. قال ابن الأنباري: أنكر الفراء، وأبو عبيدة، وأبو عبيد، أن يكون «ضحكت» بمعنى حاضت وعرفه غيرهم. قال الشاعر:
تَضْحَكُ الضَّبْعُ لقَتْلى هُذَيْلٍ ... وَتَرَى الذِّئْبَ لها يَسْتَهِلُّ «2»
قال بعض أهل اللغة: معناه: تحيض «3» .
والثالث: أنه الضحك المعروف، وهو قول الأكثرين.
وفي سبب ضحكها ستة أقوال: أحدها: أنها ضحكت من شدة خوف إِبراهيم من أضيافه، وقالت: من ماذا يخاف إِبراهيم، وإِنما هم ثلاثة، وهو في أهله وغلمانه؟! رواه الضحاك عن ابن عباس، وبه قال مقاتل. والثاني: أنها ضحكت من بشارة الملائكة لإِبراهيم بالولد، وهذا مروي عن ابن عباس أيضاً، ووهب بن منبه فعلى هذا، إِنما ضحكت سروراً بالبشارة، ويكون في الآية تقديم وتأخير، المعنى: وامرأته قائمة فبشرناها فضحكت، وهو اختيار ابن قتيبة. والثالث: ضحكت من غفلة قوم لوط وقرب العذاب منهم، قاله قتادة. والرابع: ضحكت من إِمساك الأضياف عن الأكل، وقالت:
عجباً لأضيافنا، نخدمهم بأنفسنا، وهم لا يأكلون طعامنا! قاله السّدّيّ. والخامس: ضحكت سرورا