عنهم حتى يباد أهل الكفر وتعلوَ كلمة الإِخلاص. قوله تعالى: وَحاقَ بِهِمْ قال أبو عبيدة: نزل بهم وأصابهم. وفي قوله: ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ قولان: أحدهما: أنه الرسول صلى الله عليه وسلم والكتاب، قاله أبو صالح عن ابن عباس، فيكون المعنى: حاق بهم جزاء استهزائهم. والثاني: أنه العذاب، كانوا يستهزئون بقولهم: ما يَحْبِسُهُ، وهذا قول مقاتل.

[سورة هود (11) : آية 9]

وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْناها مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُسٌ كَفُورٌ (9)

قوله تعالى: وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً اختلفوا فيمن نزلت على ثلاثة أقوال:

أحدها: أنها نزلت في الوليد بن المغيرة. قاله ابن عباس.

والثاني: في عبد الله بن أبي أمية المخزومي، ذكره الواحدي والثالث: أن الإنسان ها هنا اسم جنس، والمعنى: ولئن أذقنا الناس، قاله الزجاج. والمراد بالرحمة: النعمة، من العافية، والمال، والولد. واليؤوس: القنوط، قال أبو عبيدة: هو فعول من يئستُ. قال مقاتل: إِنه ليؤوس عند الشدة من الخير، كفور لله في نعمه في الرّخاء.

[سورة هود (11) : آية 10]

وَلَئِنْ أَذَقْناهُ نَعْماءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ (10)

قوله تعالى: وَلَئِنْ أَذَقْناهُ نَعْماءَ قال ابن عباس: صحة وسَعة في الرزق بَعْدَ ضَرَّاءَ بعد مرض وفقر. لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي يريد الضر والفقر. إِنَّهُ لَفَرِحٌ أي: بَطِرٌ. فَخُورٌ قال ابن عباس: يفاخر أوليائي بما أوسعت عليه.

فإن قيل: ما وجه عيب الإِنسان في قوله: ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي، وما وجه ذمه على الفرح، وقد وصف الله الشهداء فقال تعالى: فَرِحِينَ؟ فقد أجاب عنه ابن الأنباري، فقال: إِنما عابه بقوله:

ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي لأنه لم يعترف بنعمة الله ولم يحمَده على ما صُرف عنه. وإِنما ذمه بهذا الفرح لأنه يرجع إِلى معنى المرح والتكبُّر عن طاعة الله، قال الشاعر:

ولا يُنْسينيَ الحَدَثَانُ عِرْضِي ... ولا أُلقِي من الفَرَحِ الإِزارا «1»

يعني من المرح. وفرح الشهداءِ فرحٌ لا كِبْر فيه ولا خُيلاء، بل هو مقرون بالشكر فهو مستحسن.

[سورة هود (11) : آية 11]

إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (11)

قوله تعالى: إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا قال الفراء: هذا الاستثناء من الانسان، لأنه في معنى الناس، كقوله: إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ (?) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا «2» . وقال الزجاج: هذا استثناء ليس من الأول، والمعنى: لكنِ الذين صبروا. قال ابن عباس: الوصف الأول للكافر، والذين صبروا أصحاب محمد عليه السلام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015