فصل في نزولها: روى عطيّة، وابن أبي طلحة عن ابن عباس أنها مكيّة، وبه قال الحسن، وعكرمة. وروى أبو صالح عن ابن عباس أن فيها من المدني قوله: وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ «1» الآية. وفي رواية عن ابن عباس: فيها ثلاث آيات من المدنيّ، أوّلها قوله: فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ «2» إلى رأس ثلاث آيات، وبه قال قتادة. وقال مقاتل: هي مكيّة، غير آيتين، قوله: فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ والتي تليها. وقال بعضهم: هي مكيّة إلا آيتين، وهي قوله تعالى: قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ «3» والتي تليها.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ (?)
فأمّا قوله تعالى: الر: قرأ ابن كثير: «الر» بفتح الراء، وقرأ أبو عمرو، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: «الر» على الهجاء مكسورة. وقد ذكرنا في أول سورة «البقرة» ما يشتمل على بيان هذا الجنس. وقد خُصَّت هذه الكلمة بستة أقوال «4» : أحدها: أن معناها: أنا الله أرى، رواه الضحاك عن ابن عباس «5» . والثاني: أنا الله الرحمن، رواه عطاء عن ابن عباس. والثالث: أنه بعض اسم من أسماء الله. روى عكرمة عن ابن عباس قال: «آلر» و «حم» و «نون» حروف الرحمن. والرابع: أنه قَسَمٌ أقسم الله به، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. والخامس: أنه اسم من أسماء القرآن، قاله مجاهد، وقتادة.
والسادس: أنه اسم للسورة، قاله ابن زيد.
وفي قوله تعالى: تِلْكَ قولان: أحدهما: أنه بمعنى «هذه» ، قاله أبو صالح عن ابن عباس، واختاره أبو عبيدة. والثاني: أنه على أصله. ثم فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أنّ الإشارة إلى الكتاب المتقدمة من التوراة والإِنجيل. قاله مجاهد، وقتادة فيكون المعنى: هذه الأقاصيص التي تسمعونها، تلك