(737) والرابع: أن نبتل بن الحارث، وجَدّ بن قيس، وثعلبة بن حاطب، ومعتّب بن قشير، قالوا: لئن آتانا الله من فضله لنصدقن. فلما آتاهم من فضله بخلوا به، فنزلت هذه الآية، قاله الضحاك.

فأما التفسير، فقوله تعالى: وَمِنْهُمْ يعني المنافقين مَنْ عاهَدَ اللَّهَ أي: قال: عليَّ عهدُ الله لَنَصَّدَّقَنَّ الأصل: لنتصدقن، فأدغمت التاء في الصاد لقربها منها. وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ أي:

لنعملنَّ ما يعمل أهل الصلاح في أموالهم من صلة الرحم والإِنفاق في الخير. وقد روى كَهْمَس عن معبد بن ثابت أنه قال: إنما هو شيء نوَوْه في أنفسهم، ولم يتكلموا به ألم تسمع إلى قوله تعالى:

أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ.

[سورة التوبة (9) : آية 76]

فَلَمَّا آتاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (76)

قوله تعالى: فَلَمَّا آتاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ أي: ما طلبوا من المال بَخِلُوا بِهِ ولم يفوا بما عاهدوا وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ عن عهدهم.

[سورة التوبة (9) : الآيات 77 الى 78]

فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِما أَخْلَفُوا اللَّهَ ما وَعَدُوهُ وَبِما كانُوا يَكْذِبُونَ (77) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (78)

قوله تعالى: فَأَعْقَبَهُمْ أي: صيَّر عاقبة أمرهم النفاق. وفي الضمير في «أعقبهم» قولان:

أحدهما: أنها ترجع إلى الله، فالمعنى: جازاهم الله بالنفاق، وهذا قول ابن عباس ومجاهد.

والثاني: أنها ترجع إلى البخل، فالمعنى: أعقبهم بخلُهم بما نذروا نفاقاً، قاله الحسن.

قوله تعالى: أَلَمْ يَعْلَمُوا يعني المنافقين أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وهو ما في نفوسهم وَنَجْواهُمْ حديثهم بينهم.

[سورة التوبة (9) : آية 79]

الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (79)

قوله تعالى: الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ في سبب نزولها قولان:

(738) أحدهما: أنه لما نزلت آية الصدقة، جاء رجل فتصدق بصاع، فقالوا: إن الله لَغَنِيٌّ عن صاع هذا، فنزلت هذه الآية، قاله أبو مسعود.

(739) والثاني: أن عبد الرحمن بن عوف جاء بأربعين أوقية من ذهب، وجاء رجل من الأنصار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015