(515) وقال خباب بن الأرتِّ: نزلت فينا، كنا ضعفاء عند النبيّ صلى الله عليه وسلم يعلّمنا بالغداة والعشي ما ينفعنا، فجاء الأقرع بن حابس، وعيينة بن حصن، فقالا: إنا من أشراف قومنا، وإنا نكره أن يرونا معهم، فاطردهم إذا جالسناك. قال: «نعم» . فقالوا: لا نرضى حتى تكتب بيننا كتاباً، فأتُي بأديم ودواة، ودعا علياً ليكتب، فلما أراد ذلك، ونحن قعود في ناحية، إذ نزل جبريل بقوله تعالى: وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ إلى قوله: فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ، فرمى بالصحيفة ودعانا، فأتيناه وهو يقول: «سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة» . فدنونا منه يومئذ حتى وضعنا ركبنا على ركبته.
(516) وقال ابن مسعود: مرّ الملأ من قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده خبَّاب، وصهيب، وبلال، وعمَّار، فقالوا: يا محمد، رضيتَ بهؤلاء، أتريد أن نكون تبعاً لهم؟! فنزلت: وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ.
(517) وقال عكرمة: جاء عتبة، وشيبة ابنا ربيعة، ومطعم بن عدي والحارث بن نوفل، في أشراف بني عبد مناف، إلى أبي طالب فقالوا: لو أن ابن أخيك يطرد عنه موالينا وعبيدنا كان أعظم في صدورنا، وأدنى لاتِّباعنا إياه، فأتاه أبو طالب فحدثه بذلك، فقال عمر بن الخطاب: لو فعلت ذلك حتى ننظر ما الذي يريدون، فنزلت هذه الآيات، فأقبل عمر يعتذر من مقالته.
(518) وروى أبو صالح عن ابن عباس: أن هذه الآيات نزلت في الموالي، منهم بلال، وصهيب، وخبّاب، وعمّار، ومهجع، وسلمان، وعامر بن فهيرة، وسالم مولى أبي حذيفة وأن قوله:
وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ نزلت فيهم أيضا.
(519) وقد روى العوفي عن ابن عباس: أنّ أناسا من الأشراف قالوا للنبيّ صلى الله عليه وسلم: نؤمن لك، وإذا صلينا فأخِّر هؤلاء الذين معك، فليصلوا خلفنا. فعلى هذا، إنما سألوه تأخيرهم عن الصّفّ، وعلى