(495) سبب نزولها أن كفار مكة قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: قد علمنا أنه إنما يحملك على ما تدعونا إليه الحاجة فنحن نجعل لك نصيباً في أموالنا حتى تكون من أغنانا رجلاً، وترجع عما أنت عليه، فنزلت هذه الآية، قاله ابن عباس.
وفي معنى «سكن» قولان: أحدهما: أنه من السكنى. قال ابن الأعرابي: «سكن» بمعنى حلّ.
والثاني: أنه من السكون الذي يضاد الحركة. قال مقاتل: من المخلوقات ما يستقر بالنهار، وينتشر بالليل ومنها ما يستقر بالليل، وينتشر بالنهار. فان قيل: لم خص السكون بالذكر دون الحركة؟ فعنه ثلاثة أجوبة: أحدها: أن السكون أعم وجوداً من الحركة. والثاني: أن كل متحرك قد يسكن، وليس كل ساكن يتحرك. والثالث: أن في الآية إضماراً والمعنى: وله ما سكن وتحرك كقوله تعالى تَقِيكُمُ الْحَرَّ «1» أراد: والبرد فاختصر.
قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (14)
قوله تعالى: قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا.
(496) ذكر مقاتل أن سبب نزولها، أن كفَّار قريش قالوا: يا محمد، ألا ترجع إلى دين آبائك؟
فنزلت هذه الآية. وهذا الاستفهام معناه الإنكار أي: لا أتخذ وليا غير الله أتولاه، وأعبده، وأستعينه.
قوله تعالى: فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الجمهور على كسر راء «فاطر» . وقرأ ابن أبي عبلة برفعها.
قال أبو عبيدة: الفاطر، معناه: الخالق. وقال ابن قتيبة: المبتدئ.
(497) ومنه «كل مولود يولد على الفطرة» أي: على ابتداء الخلقة، وهو الإقرار بالله حين أخذ العهد عليهم في أصلاب آبائهم. وقال ابن عباس: كنت لا أدري ما فاطر السماوات والأرض، حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر فقال أحدهما: أنا فطرتُها، أي: أنا ابتدأتها. قال الزجاج: إن قيل:
كيف يكون الفطر بمعنى الخلق والانفطار الانشقاق في قوله تعالى: إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ (1) «2» فالجواب: إنما يرجعان إلى شيء واحد، لأن معنى «فطرهما» : خلقهما خلقاً قاطعاً. والانفطار، والفطور: تقطُّعٌ وتشقُّقٌ.
قوله تعالى: وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ قرأ الجمهور بضم الياء من الثاني ومعناه: وهو يرزق ولا