بُنيتْ هذه الأوصاف على الفعل، لقيل: كافرة، وشاكرة، ومُذْكِرَة فلما عدل عن بناء الفعل، جرى مجرى ما يستغني بقيام معنى التأنيث فيه عن العلامة كقولهم: النعلَ لبستُها، والفأسَ كسرتُها، وكان إيثارهم التذكير للفرق بين المبني على الفعل، والمعدول عن مِثْلِ الأفاعيل. والمراد بالمدرار:
المبالغة في اتصال المطر ودوامه يعني: أنها تَدِرُّ وقت الحاجة إليها لا أنها تدوم ليلاً ونهاراً، فتفسد، ذكره ابن الأنباري.
وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (7)
قوله تعالى: وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ.
(493) سبب نزولها: أن مشركي مكة قالوا: يا محمد، والله لن نؤمن لك حتى تأتينا بكتاب من عند الله، ومعه أربعة من الملائكة، يشهدون أنه من عند الله، وأنك رسوله، فنزلت هذه الآية، قاله ابن السائب.
قال ابن قتيبة: والقرطاس: الصحيفة، يقال للرامي إذا أصاب الصحيفة: قَرْطَسَ. قال شيخنا أبو منصور اللغوي: القرطاس قد تكلموا به قديماً. ويقال: إن أصله غير عربي. والجمهور على كسر قافه، وضمها أبو رزين، وعكرمة، وطلحة، ويحيى بن يعمر.
فأما قوله تعالى: فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ فهو توكيد لنزوله، وقيل: إنما علَّقه باللمس باليد إبعاداً له عن السحر، لأن السحر يُتَخَيَّلُ في المرئيات دون الملموسات. ومعنى الآية: إنّهم يدفعون الصّحيح.
[سورة الأنعام (6) : آية 8]
وَقالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ (8)
قوله تعالى: وَقالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ قال مقاتل:
(494) نزلت في النَّضْر بن الحارث، وعبد الله بن أبي أُمية، ونوفل بن خويلد.
و «لولا» بمعنى «هلاّ» أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ نصدقه: وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً فعاينوه ولم يؤمنوا، لَقُضِيَ الْأَمْرُ وفيه ثلاثة أقوال: أحدها: أن المعنى: لماتوا، ولم يؤخروا طرفة عين لتوبة، قاله ابن عباس.
والثاني: لقامت الساعة، قاله عكرمة، ومجاهد. والثالث: لعجل لهم العذاب، قاله قتادة.
[سورة الأنعام (6) : آية 9]
وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ (9)