وفي «الوصيلة» خمسة أقوال: أحدها: أنها الشاة إِذا نُتِجَت سبعة أبطن، نظروا إِلى السابع، فإن كان أُنثى، لم ينتفع النساء منها بشيء إِلا أن تموت، فيأكلها الرجال والنساء، وإِن كان ذكراً، ذبحوه، فأكلوه جميعاً، وإِن كان ذكراً وأُنثى، قالوا: وصلت أخاها، فتترك مع أخيها فلا تذبح، ومنافعها للرجال دون النساء، فإذا ماتت، اشترك فيها الرجال والنساء، رواه أبو صالح عن ابن عباس. وذهب إِلى نحوه ابن قتيبة، فقال: إِن كان السابع ذكراً، ذبح فأكل منه الرجال والنساء، وإِن كان أُنثى، تركت في النعم، وإِن كان ذكراً وأُنثى، قالوا: وصلت أخاها، فلم تذبح، لمكانها، وكانت لحومها حراماً على النساء، ولبن الأُنثى حراماً على النساء إِلا أن يموت منها شيء فيأكله الرجال والنساء. والثاني: أنها الناقة البكر تبتكر في أول نتاج الإِبل بالأُنثى، ثم تثنّي بالأنثى، فكانوا يستبقونها لطواغيتهم، ويَدْعونها الوصيلة، أي: وصلت إِحداهما بالأُخرى، ليس بينهما ذكر، رواه الزهري عن ابن المسيّب. والثالث: أنها الشاة تنتج عشر إِناثٍ متتابعاتٍ في خمسة أبطن، فيدعونها الوصيلة، وما ولدت بعد ذلك فللذكور دون الإِناث، قاله ابن إِسحاق. والرابع: أنها الشاة تنتج سبعة أبطن، عناقين عناقين «1» ، فإذا ولدت في سابعها عناقاً وجدياً، قيل: وصلت أخاها، فجَرت مجرى السائبة، قاله الفراء. والخامس: أن الشاة كانت إِذا ولدت أُنثى، فهي لهم، وإِذا ولدت ذكراً جعلوه لآلهتهم فإن ولدت ذكراً وأُنثى، قالوا: وصلت أخاها، فلم يذبحوا الذكر لآلهتهم، قاله الزجاج.
وفي «الحام» ستة أقوال: أحدها: أنه الفحل، ينتج من صلبه عشرة أبطن، فيقولون: قد حمى ظهره، فيسيبونه لأصنامهم، ولا يحملُ عليه، قاله ابن مسعود، وابن عباس، واختاره أبو عبيدة، والزجاج. والثاني: أنه الفحل يولد لولده، فيقولون: قد حمى هذا ظهره، فلا يحملون عليه، ولا يجزُّون وبره، ولا يمنعونه ماءً، ولا مرعى، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، واختاره الفراء، وابن قتيبة. والثالث: أنه الفحل يظهر من أولاده عشر إِناثٍ من بناته، وبنات بناته، قاله عطاء. والرابع: أنه الذي ينتج له سبع إِناث متواليات، قاله ابن زيد. والخامس: أنه الذي لصُلبه عشرة كلها تضرِب في الإِبل، قاله أبو روق. والسادس: أنه الفحل يضرب في إِبل الرجل عشر سنين، فيخلَّى ويقال: قد حمى ظهره، ذكره الماوردي عن الشافعي.
قال الزجاج: والذي ذكرناه في البحيرة، والسائِبة، والوصيلة، والحام أثبت ما روينا عن أهل اللغة. وقد أعلم الله عزّ وجلّ في هذه الآية أنه لم يحرّم من هذه الأشياء شيئاً، وأن الذين كفروا افتروا على الله عزّ وجلّ. قال مقاتل: وافتراؤهم: قولهم: إِن الله حرَّمه، وأمرنا به.
وفي قوله تعالى: وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ قولان: أحدهما: وأكثرهم، يعني: الأتباع لا يعقلون أن ذلك كذب على الله من الرؤساء الذين حرموا، قاله الشعبي. والثاني: لا يعقلون أن هذا التحريم من الشّيطان، قاله قتادة.
وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قالُوا حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ (104)