معنى الزكاة في كلام العرب: الزيادة والنماء، فسميت زكاة، لأنها تزيد في المال الذي تخرج منه، وتوفره، وتقيه من الآفات، ويقال: هذا أزكى من ذاك، أي: أزيد فضلاً منه. قوله تعالى: وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ. أي: صلوا مع المصلين. قال ابن عباس: يريد محمّدا صلّى الله عليه وسلّم، وأصحابه رضي الله عنهم.
وقيل: إِنما ذكر الركوع، لأنه ليس في صلاتهم ركوع، والخطاب لليهود. وفي هذه الآية دلالة على أن الكفار مخاطبون بالفروع، وهي إحدى الروايتين عن أحمد رضي الله عنه.
أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ (44)
قوله تعالى: أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ. قال ابن عباس: نزلت في اليهود، كان الرجل يقول لقرابته من المسلمين في السر: اثبت على ما أنت عليه فإنه حق «1» . والألف في «أتأمرون» ألف الاستفهام، ومعناه التوبيخ. وفي «البر» هاهنا ثلاثة أقوال: أحدها: أنه التمسك بكتابهم، كانوا يأمرون باتباعه ولا يقومون به. والثاني: اتّباع محمّد صلّى الله عليه وسلّم، روي القولان عن ابن عباس. والثالث: الصدقة، كانوا يأمرون بها، ويبخلون. ذكره الزجاج. قوله تعالى: وَتَنْسَوْنَ، أي: تتركون. وفي «الكتاب» قولان:
أحدهما: أنه التوراة، قاله الجمهور. والثاني: أنه القرآن، فلا يكون الخطاب على هذا القول لليهود.
[سورة البقرة (?) : آية 45]
وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخاشِعِينَ (45)
قوله تعالى: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ. الأصل في الصبر: الحبس، فالصابر حابس لنفسه عن الجزع. وسمي الصائم صابراً لحبسه نفسه عن الأكل والشرب والجماع، والمصبورة: البهيمة تتخذ غرضاً. وقال مجاهد: الصبر هاهنا: الصوم.
وفيما أمروا بالصبر عليه ثلاثة أقوال: أحدها: أنه أداء الفرائض، قاله ابن عباس ومقاتل. والثاني:
أنه ترك المعاصي، قاله قتادة. والثالث: عدم الرئاسة، وهو خطاب لأهل الكتابين، ووجه الاستعانة بالصلاة أنه يتلى فيها ما يرغب في الآخرة، ويزهد في الدنيا.
قوله تعالى: وَإِنَّها، في المكنى عنها ثلاثة أقوال: أحدها: أنه الصلاة، قاله ابن عباس والحسن ومجاهد والجمهور. والثاني: أنها الكعبة والقبلة، لأنها لما ذكر الصلاة، دلت على القبلة، ذكره الضحاك عن ابن عباس، وبه قال مقاتل. والثالث: أنها الاستعانة، لأنها لما قال: وَاسْتَعِينُوا دل على الاستعانة، ذكره محمد بن القاسم النحوي. قوله تعالى: لَكَبِيرَةٌ، قال الحسن والضحاك:
الكبيرة: الثقيلة، مثل قوله تعالى: كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ «2» ، أي: ثقل. والخشوع في اللغة: التطامن والتواضع، وقيل: السّكون.
[سورة البقرة (?) : آية 46]
الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ (46)
قوله تعالى: الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ. الظن هاهنا: بمعنى اليقين «3» ، وله وجوه قد ذكرناها