(426) والثاني: أنها نزلت في ابن صوريا آمن ثم كفر، وهذا المعنى مروي عن أبي هريرة.

(427) والثالث: أنها نزلت في يهودي قتل يهودياً، ثم قال: سلوا محمداً فإن كان بُعِثَ بالدّية، اختصمنا إِليه، وإِن كان بعث بالقتل، لم نأته، قاله الشعبي.

والرابع: أنها نزلت في المنافقين، قاله ابن عباس، ومجاهد «1» .

(428) والخامس: أن رجلاً من الأنصار أشارت إِليه قريظة يوم حِصارهم: على ماذا ننزل؟ فأشار إِليهم: أنه الذّبح، قاله السدي.

(429) قال مقاتل: هو أبو لبابة بن عبد المنذر، قالت له قريظة: اننزل على حُكم سعدٍ؟ فأشار بيده: أنه الذّبح، وكان حليفاً لهم. قال أبو لبابة: فعلمت أني قد خُنتُ الله ورسوله، فنزلت هذه الآية.

ومعنى الكلام: لا يحزنك مسارعة الذي يُسارِعُون في الكفر من الذين قالوا آمنّا بأفواههم وهم المنافقون، ومن الذين هادوا وهم اليهود. سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ قال سيبويه: هو مرفوعٌ بالابتداء. قال أبو الحسن الأخفش: ويجوز أن يكونَ رفعُه على معنى: ومن الذين هادوا سماعون للكذب. وفي معناه أربعة أقوال: أحدها: سماعون منك ليكذبوا عليك. والثاني: سماعون للكذب، أي: قائلون له.

والثالث: سماعون للكذب الذي بدَّلوه في توراتهم. والرابع: سماعون للكذب، أي قابلون له، ومنه:

«سمع الله لمن حمده» أي: قبل.

وفي قوله تعالى: سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ قولان: أحدهما: يسمعون لأولئك، فهم عيونٌ لهم. والثاني: سمّاعون من قوم آخرين، وهم رؤساؤهم المبدِّلون التوراة. وفي السمّاعين للكذب، وللقوم الآخرين قولان: أحدهما: أن «السّماعين للكذب» يهود المدينة، والقوم الآخرون الذين لم يأتوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يهود فدَك. والثاني: بالعكس من هذا.

وفي تحريفهم الكلم خمسة أقوال: أحدها: أنه تغيير حدود الله في التوراة، وذلك أنهم غيّروا الرّجم، قاله ابن عباس، والجمهور. والثاني: تغيير ما يسمعونه من النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بالكذب عليه، قاله الحسن. والثالث: إِخفاء صفة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم. والرابع: إِسقاط القود بعد استحقاقه. والخامس: سوء التأويل. وقال ابن جرير: المعنى يُحرّفون حكم الكلم، فحذف ذكر الحكم لمعرفة السامعين بذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015