قوله تعالى: وَالْكِتابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلى رَسُولِهِ قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر: «نزِّل على رسوله، والكتاب الذي أُنزل من قبل» مضمومتين. وقرأ نافع، وعاصم، وحمزة، والكسائي: نَزَلَ على رسوله، والكتاب الذي أنْزَلَ مفتوحتين. والمراد بالكتاب: الذي نزل على رسوله القرآن، والكتاب الذي أنزل من قبل: كل كتاب أنزل قبل القرآن، فيكون «الكتاب» ها هنا اسم جنس.

[سورة النساء (4) : آية 137]

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً (137)

قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا اختلفوا فيمن نزلت على ثلاثة أقوال «1» : أحدها: أنها في اليهود آمنوا بموسى، ثم كفروا بعد موسى، ثم آمنوا بعزير، ثم كفروا بعده بعيسى، ثم ازدادوا كفرا بمحمّد عليه السلام، هذا قول ابن عباس. وروي عن قتادة قال: آمنوا بموسى، ثم كفروا بعبادة العجل، ثم آمنوا به بعد عوده، ثم كفروا بعده بعيسى، ثم ازدادوا كفراً بمحمد. والثاني: أنها في اليهود والنصارى، آمن اليهود بالتوراة، وكفروا بالإِنجيل، وآمن النصارى بالإِنجيل. ثم تركوه فكفروا به، ثم ازدادوا كفراً بالقرآن وبمحمد، رواه شيبان عن قتادة. وروي عن الحسن قال: هم قوم من أهل الكتاب، قصدوا تشكيك المؤمنين، فكانوا يظهرون الإيمان ثم الكفر، ثم ازدادوا كفراً بثبوتهم على دينهم. وقال مقاتل: آمنوا بالتوراة وموسى، ثم كفروا من بعد موسى، ثم آمنوا بعيسى والإِنجيل، ثم كفروا من بعده، ثم ازدادوا كفراً بمحمد والقرآن. والثالث: أنها في المنافقين آمنوا، ثم ارتدوا، ثم ماتوا على كفرهم، قاله مجاهد. وروى ابن جريج عن مجاهد ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً قال: ثبتوا عليه حتى ماتوا. قال ابن عباس: لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ ما أقاموا على ذلك وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا أي: لا يجعلهم بكفرهم مهتدين. قال: وإِنما علق امتناع المغفرة بكفر بعد كفر، لأن المؤمن بعد الكفر يُغفرُ له كفره، فإذا ارتدّ طولب بالكفر الأوّل «2» .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015